اعترفت أخيرا، حكومة اسرائيل بأن تطبيع نظام المخزن مع الدولة العبرية كان بهدف اعتراف الرئيس الأمريكي الأسبق، دونالد ترامب، بالسيادة المزعومة للمغرب على الأراضي الصحراوية المحتلة.
وقالت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد في تصريحات أوردتها صحيفة “تايمز إنترناشيونال” الإسرائيلية نهاية الأسبوع، إن إعادة بعث اتفاقيات أبراهام، وهو عنوان حملة التطبيع الأخيرة مع دولة اسرائيل، يتطلب من الولايات المتحدة تقديم حوافزها الخاصة للبلدان المرشحة للتطبيع. وتعتبر قضية التطبيع من بين أهم الأسباب التي كانت وراء قرار السلطات الجزائرية شهر أوت المنصرم، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع نظام المخزن، الذي سعى إلى الاستقواء بالدولة العبرية على جارتها الشرقية.
وأوضحت المسؤولة الإسرائيلية: “هناك الكثير من الإمكانات، غير أن كل ذلك يعتمد على مدى تأثير الإدارة الأمريكية”، وأضافت: “في النهاية، تتوجه الدول المرشحة للتطبيع مع إسرائيل لصنع السلام، ليس فقط لأن لديهم مصلحة في التطبيع مع إسرائيل، ولكن لأن لديهم مصلحة مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
وبالمختصر المفيد، أرادت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، القول إن ما قامت به الدول العربية التي طبعت مع تل أبيب، وعلى رأسها المملكة المغربية، لم يكن من أجل سواد عيون الدولة العبرية، وإنما مقابل مغانم سياسية ودبلوماسية حصلت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، تجلت فيما هو ظاهر من التغريدة الشهيرة للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
وفي الحالة المغربية، نجد أن تطبيع الرباط مع تل أبيب، جاء بالتزامن مع قرار الرئيس الأمريكي السابق، الذي غرد في الأيام الأخيرة من عهدته، معترفا بالسيادة المزعومة لنظام المخزن على الأراضي الصحراوية المحتلة، وهو ما يعني وفق رؤية وزيرة داخلية تل أبيب، أن تطبيع المغرب كان مرهونا بتغريدة ترامب.
ولأول مرة يصدر كلام بهذه الصراحة من مسؤول كبير في الدولة العبرية بحجم وزير الداخلية، وهي “الخرجة” التي لم تكن تتمناها الرباط، لأن هذا التصريح عرّى الكثير من المعطيات التي كان يخفيها نظام المخزن عن الشعب المغربي بخصوص هذه القضية الحساسة، لا سيما أن العاهل محمد السادس، يترأس ما يعرف بـ”لجنة القدس”، وهو ما يتناقض مع قرار التطبيع.
الأمر الآخر الذي حملته تصريحات المسؤولة الإسرائيلية، هو أن قطار التطبيع توقف منذ تربع الرئيس الأمريكي جو بايدن على عرش البيت الأبيض، قبل نحو عام، وهو ما يمكن أن يفسر بأن بايدن، إما ليس لديه ما يقدمه للدول المرشحة للتطبيع، وإما أنه ليس من المتحمسين للسير على الطريق الذي رسمه سلفه، على هذا الصعيد.
كما تعتبر تصريحات أيليت شاكيد، دعوة ضمنية لواشنطن من أجل إنقاذ قطار التطبيع الذي توقف في منتصف الطريق، الأمر الذي أحرج الدول المطبّعة، لأن التطبيع عندما انطلق، كان في البداية واعدا، أو هكذا تم تصويره لأجل إغراء الدول التي طبّعت، لكن المطبعين اليوم يوجدون في حرج كبير أخلاقيا وسياسيا أمام شعوبهم وأمام تطلعات الأمة، كونهم يشكلون أقلية قليلة بين البلدان العربية والإسلامية.
وأخوف ما يخافه النظام المغربي بعد كل هذه التطورات هو أن يخسر حتى المكاسب الوهمية لـ”تغريدة ترامب”، في ظل السياسة المنتهجة من قبل إدارة جو بايدن، التي يبدو أنها محرجة كثيرا في التعاطي مع هذه القضية، ويؤكد هذا ما تعرض له وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال الزيارة التي قادته إلى كينيا، أين واجه كمينا محكما نصبته له قناة “بي بي سي” البريطانية.
ففي حوار مع “بي بي سي” سألته مراسلة القناة من كينيا، إن كانت واشنطن متمسكة باعتراف ترامب بالسيادة المزعومة للمغرب على الأراضي الصحراوية المحتلة، فرد بأنه مع الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة بخصوص هذه القضية، فأعادت المراسلة السؤال ذاته للمرة الثانية والثالثة، غير أنها لم تسمع منه إلا جوابا واحدا، ليس فيه تمسكا بتغريدة ترامب، ما يعني حجم الحرج التي توجد فيه إدارة بايدن.