أخبار بلا حدود- كانت الجزائر حاضرة بقوة في المناظرة المثيرة التي جرت بين رئيس الحكومة الإسبانية المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز، ورئيس أكبر أحزاب المعارضة “الحزب الشعبي”، ألبيرتو نونيز فيخو، ليلة الإثنين إلى الثلاثاء، في عز الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية المرتقبة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.
واستغل رئيس الحزب الشعبي المعارض تدهور علاقات الجزائر مع مدريد، ليهاجم بشدة رئيس الحكومة المنتهية ولايته، متهما إياه بتدمير العلاقات مع الجزائر، بسبب انحيازه المفضوح للنظام المغربي، وعجزه عن إقامة علاقات متوازنة مع جيران مدريد الجنوبيين، الجزائر والمملكة العلوية، ما تسبب في الإضرار بالمصالح العليا للملكة الإسبانية.
وتوجد العلاقات الجزائرية الإسبانية في حالة قطيعة واضحة، فسفارة الجزائر في مدريد من دون تمثيل دبلوماسي منذ ما يزيد عن السنة، بعد استدعاء السفير سعيد موسي، وتحويله لاحقا إلى العاصمة الفرنسية باريس، تبعها تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين البلدين في جوان من السنة المنصرمة، بعد نحو عقدين من التوقيع عليها، في نزاع أفرز عقوبات اقتصادية جزائرية على الصادرات الإسبانية.
وقال فيخو مهاجما سانشيز: “لقد كسرت 30 سنة من التوازن في السياسة الخارجية الإسبانية مع كل من الجزائر والمغرب والصحراء الغربية والأمم المتحدة، وهذا أيضا جزء من سيرتك السياسية”، في إشارة إلى قيادة رئيس الحكومة المنتهية ولايته، لانحراف الموقف الإسباني من القضية الصحراوية، بدعم مخطط الحكم الذاتي الذي يروج له النظام المغربي.
ورسم رئيس الحزب الشعبي المرشح لقيادة الحكومة الإسبانية بعد الانتخابات التشريعية المسبقة، وفق أحدث استطلاعات رأي الناخبين الإسبان، خارطة طريق حكومته المرتقبة قائلا: “موقفي هو إعادة التوازن في العلاقات الخارجية مع كل من الجزائر والمغرب والشعب الصحراوي وإسبانيا.. وهو التوازن الذي كان قائما دوما إلى غاية كسره من قبلك”، في الرسالة المثيرة للجدل التي وجهها لعاهل النظام المغربي، محمد السادس في مارس 2022.
وواصل فيخو مهاجمة خصمه السياسي بسلسلة من الأسئلة المحرجة حول التحول الكوبرنيكي في الموقف الإسباني من القضية الصحراوية، قائلا: “لا يمكنك تغيير الموقف من قضية الصحراء الغربية دون استشارة الإسبان. لماذا تغيرت علاقة إسبانيا الاستراتيجية مع الصحراء الغربية؟ من كتب وأرسل تلك الرسالة؟ ماذا حدث لهاتفك المحمول في فضيحة بيغاسوس؟ ما هي المعلومات التي تحصلوا عليها من هاتفك المحمول عنك وعن إسبانيا؟”، في أسئلة يبحث الرأي العام الإسباني عن الإجابة عليها منذ أزيد من سنة.
رئيس الحزب الشعبي لم يتوقف عند هذا المستوى من الإحراج الذي وضع فيه خصمه السياسي، بل استمر في محاصرته وفضح خروجه عن الأعراف والتقاليد السياسية الإسبانية: “لقد أغلق القاضي في المحكمة العليا الإسبانية ملف قضية بيغاسوس اليوم (الثلاثاء 11 جويلية 2023 لعدم تعاونكم، ما هي السياسة الخارجية التي تنتهجها عندما لا تقدم ولو توضيحا أو شرحا لتلك السياسة في مجلس النواب؟”.
وذكّر الرئيس المرتقب للحكومة الإسبانية خصمه سانشيز، بعدم احترامه أعراف الممارسة السياسية “لكونه لم يطلعه باعتباره رئيس أكبر أحزاب المعارضة، عن أي شيء بشأن اتفاقه مع عاهل المملكة العلوية”، متسائلا: “هل طلب منك النظام المغربي إقالة وزيرة خارجيتك السابقة (أرانشا غونزاليس لايا)”؟ كان يجب عليك الرد على أسئلة الإسبان بهذا الخصوص: “من حقنا أن نعرف”، واتهم فيخو سانشيز بعدم التعاون مع القضاء في قضية بيغاسوس: “إنك لا تتعاون مع العدالة.. إنك لست رئيسًا حرًا”.
وأجمعت تقارير إعلامية إسبانية في وقت سابق، على أن سانشيز أقدم على إقالة وزيرة خارجيته السابقة، أرانشا غونزاليس لايا، بسبب موافقتها على استقبال الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، للعلاج من “كوفيد 19” في 2021، في أحد المشافي الإسبانية، وذلك استرضاء للنظام المغربي، واستدلوا على ذلك بأن قرار الإقالة جاء بعد أسبوع واحد فقط، من الرسالة التي وجهها سانشيز للنظام المغربي والتي تضمنت انحرافا في الموقف الإسباني من القضية الصحراوية، خضوعا لابتزاز الرباط لرئيس الحكومة الإسبانية، بعد فضيحة التجسس على هاتفه بواسطة البرمجية الصهيونية “بيغاسوس”، وكذا فتح منافذ مليلية أمام المهاجرين الأفارقة لاجتياز الحدود، للضغط على مدريد تحقيقا لأهداف سياسية.