أخبار بلا حدود – أثارت مجلة “جون أفريك” الفرنسية قضية إنشاء هيئة جديدة في الجزائر للتحري في مظاهر الثراء لدى موظفي القطاع العام، قائلة بأنها تثير مخاوف كبيرة بين المختصين، فقد كان لهذا الإعلان أثر زلزال في الإدارات وشركات الدولة الجزائرية.
فلأول مرة، سيكون الموظفون العموميون هدفًا للتحقيقات في ممتلكاتهم وأصولهم، حيث أمر الرئيس عبد المجيد تبون بالإسراع في عملية تعزيز النظام التشريعي من أجل محاربة الفساد لتتماشى مع التعديلات التي أدخلها الإصلاح الدستوري في الأول من نوفمبر عام 2020.
في الثاني من شهر جانفي الجاري، بدأ الأمر الرئاسي يتجسد من خلال فحص مجلس الوزراء لمشروع قانون أولي يحدد طريقة تنظيم وتكوين وعمل الهيئة العليا للشفافية والوقاية ومكافحة الفساد عملا بمبدأ من أين لك هذا.
غير أنه لم يتم تحديد نطاق هذه السلطة العليا لمكافحة الفساد.
وتنقل “جون أفريك” عن بوبكر سلامي، خبير الضرائب قوله: “في رأيي، سيكون لهذه الهيئة إمكانية فتح تحقيق مع أي مسؤول أو موظف حكومي أو تنفيذي في الدولة”.
وتابعت المجلة الفرنسية القول إن العديد من المديرين التنفيذيين يتمتعون بأسلوب حياة لا يتوافق تمامًا مع مصدر دخلهم الوحيد (الرواتب). ومن حق الخزينة والسلطات العامة طرح الأسئلة: كيف لمسؤول كبير راتبه 100 ألف دينار أو 200 ألف دينار أو حتى 300 ألف دينار الحصول على عقارات بعشرات الملايين وسيارة فاخرة وسفر؟
ومع أن هناك من يرى أن ثمة إرادة سياسية قوية للغاية لإعادة ثقة المواطن الجزائري، إلا أن هناك حذراً لدى الكثيرين، والذين يعتبرون أن العمل على الأرض هو الذي سيعطي فكرة عن قيمة هذه الهيئة الجديدة للتحري في مظاهر الثراء لدى موظفي القطاع العام.
وقد سلطت القضايا التي حقق فيها القضاة الماليون وتلك التي سبق أن صدرت أحكام بشأنها الضوء على التناقض الاستثنائي بين الوضع المالي للشخص المسؤول عند تعيينه والوضع المالي الذي أنشأته السلطات القضائية المختصة بعد انتهاء مهامها، في إطار التحقيقات التي أجريت بين عامي 2019 و 2020، في إشارة إلى القضايا التي طالت أوساط الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
ويتساءل مختصون إلى أي حد ستكون هذه الهيئة عادلة ومنصفة من خلال التحقيق، كما يجب أن تشمل التحقيقات الرؤساء التنفيذيين للشركات العامة الذين يتم انتخابهم من قبل مجلس الإدارة وحده، ورؤساء الاتحادات الرياضية وكبار الضباط وجنرالات الجيش الوطني، وكذلك أعضاء في المجلس الأعلى للقضاء، حيث أن القضاء الجزائري هو إلى حد بعيد أكثر القطاعات فسادًا فيما يتعلق بالضرائب والجمارك، وفق مختصين ومراقبين.
ثم إن الموارد التي سيتم توفيرها للهيئة العليا للشفافية والوقاية ومكافحة الفساد تثير أيضًا العديد من الأسئلة. ويؤكد مختصون أنه لا يمكن لهذه الهيئة أن تؤدي مهمتها إلا في ظل ظروف تحظى فيها بدعم جميع مؤسسات الرقابة الأخرى، بما في ذلك إدارة الضرائب، والتي يجب تحديثها وتطهيرها من عناصرها الفاسدة.
وبالتالي، يقول مختصون إنه في الوقت الحالي، ما يزال هناك طريق طويل يجب قطعه، ولذلك يجب أن يؤدي الإعلان عن الأصول إلى إجراء تحقق على النحو الواجب على جميع العناصر المكونة له. فهناك دائمًا إغراء من جانب أولئك المعنيين لتقليل أو التقليل من قيمة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.