أصبح الدجاج مهددا بالانقراض في الجزائر بسبب الأزمة التي يعيشها مربو الدواجن الذين دخلوا رسميا المنطقة الحمراء، مع هروب جماعي من هذا النشاط الذي كان يحفظ ماء وجه المائدة الجزائرية لكن اليوم ألحق الضرر بالمستهلك والفلاح في نفس الوقت.
العلاقة بين المستهلك ومربي الدواجن كانت عادية منذ أشهر قليلة يوم كان سعر الكيلوغرام من الدجاج يتراوح بين 250 دج و300 دج، وكانت الأمور في صالح المستهلك السنة الماضية يوم وصل السعر إلى 170 دج أو أقل في بعض الحالات، وكان ذلك بسبب الوفرة وزيادة العرض وجاهزية الدجاج عند أغلبية المربين في وقت واحد، الأمر الذي ترتبت عنه خسائر كبيرة وسط المربين الذين ضيعوا مبالغ مالية ضخمة دفعت بالعديد من الفلاحين إلى تجميد نشاطهم. وأمام هذه الوضعية سجل تراجع في تربية الدواجن وندرة في المنتج، لكن هذه المرة ليس فقط بسبب قلة العرض الذي اعتادت عليه الشعبة في السنوات الماضية بل تفاقم الأمر هذا العام مع الارتفاع المذهل لسعر الأعلاف والتي بلغت أعلى مستوياتها في سنة 2021.
فبالنسبة لمادة الصوجا التي كان سعرها يتراوح بين 5800 و6500 دج للقنطار ارتفع إلى أن بلغ 13000 دج ثم سجل ترجع طفيف، وأما الذرة التي كان سعرها يتراوح بين 2600 دج و3000دج للقنطار وصل اليوم إلى 7000 دج. ما يعني أن تكاليف تربية الدواجن تعرف ارتفاعا مذهلا. وحسب المختصين، فإن هذه الزيادة سببها ارتفاع أسعار هذه المواد في البورصة العالمية ويعود ذلك إلى اقتناء جمهورية الصين الشعبية لشحنات كبيرة غير معهودة ترتبت عنها أزمة عالمية كان لها انعكاسها على مختلف الدول بما فيها الجزائر التي تستورد مادتي الصوجا والذرة من الخارج باحتياج سنوي يقدر بـ1.2 مليون طن من مادة الصوجا بينما تقدر احتياجات القطاع لمادة الذرة بـ4 ملايين و200 ألف طن سنويا.
ومع تراجع قيمة الدينار، فإن تكلفة تربية الدواجن ارتفعت مع استقرار الارتفاع واستمراره لمدة طويلة ما يعني أن التكلفة ارتفعت ولم تعد كما كانت عليه في السابق. وتعقد القطاع مع ارتفاع سعر الصيصان التي بلغت 160 دج وبالتالي فإن الانطلاقة وبداية دورة التربية تكون مكلفة للغاية، تليها مصاريف العلف والعناية اليومية ومصاريف الكهرباء والغاز والأدوية، ولذلك كانت النتيجة ارتفاع في السعر الذي اجتاح السوق الجزائرية واقترب من 500 دج ما يعني أن الدجاجة التي تزن 3 كلغ يصل سعرها إلى 1500 دج، وهي قيمة ليست في متناول أغلبية المستهلكين، وأهّلت الدجاج للانضمام إلى قائمة المواد الغذائية المستعصية على الجزائريين. الأمر الذي ترتب عنه تنظيم حملة مقاطعة واسعة تم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وزادت في تخوف المنتجين والمسوقين.
لكن بالنسبة للفلاحين، فإن الدجاج سينقرض دون الحاجة إلى المقاطعة ومسيرته ستتوقف عند المصدر لأن أغلبية المربين توقفوا عن النشاط بعدما تكبدوا خسائر معتبرة مع استحالة تعويضها بعد هذا الارتفاع في السعر الذي لا يعني أي زيادة في ربح الفلاح الذي يبقى هو الآخر خاسرا وعاجزا عن تحمل المصاريف، وهو اليوم مرغم على الانسحاب الذي حقق استجابة كبيرة وسط المربيين ولم يعد يسمع صوتا للدجاج في المستودعات، والفلاحون يؤكدون أنهم أمام أكبر أزمة يعرفها القطاع الذي ظل محل صعود ونزول وهذه المرة الأمور تعقدت كثيرا، والدجاج المنتج محليا قد ينقرض ويغيب عن الأسواق الجزائرية.
بقلم الإعلامي : سمير مخربش