أخبار بلا حدود- مرة أخرى، يلجأ النظام المغربي إلى اليمين الفرنسي للدفاع عن مصالحه، وأحدث فصل في هذا المسلسل، كان سؤالا وجّهه النائب عن حزب “الجمهوريون” اليميني، للحكومة الفرنسية، يزعم من خلاله إقدام قناة “فرانس 24” العمومية، على الطرد التعسفي للصحفيين المغربيين أو الفرانكو مغربيين العاملين بها، تحت تأثير لوبيات جزائرية.
صاحب السؤال هو النائب كريستوف أندري فراسا، المنتخب ضمن صفوف حزب “الجمهوريون”، الذي يرأسه، إيريك سيوتي، الذي اعتاد تنظيف أبواب قصور المملكة العلوية، وقد وجّهه لوزيرة الثقافة الفرنسية، ريما عبد المالك، المنحدرة من أصول لبنانية، وفيه يلفت انتباهها إلى “الوضع المؤلم الذي يسود حاليًا هيئة التحرير العربية لقناة France24 التلفزيونية”.
وكان زعيم الحزب، الذي ينتمي إليه صاحب السؤال، قد زار المملكة العلوية مؤخرا وأقام في أفخم الفنادق على حساب الحكومة المغربية، ولم يتردد في رد الجميل للنظام المغربي حتى قبل أن يعود إلى بلاده، حيث دعا سلطات بلاده وعلى رأسها الرئيس ماكرون، إلى الاعتراف بالسيادة المزعومة للنظام المغربي على الأراضي الصحراوية المحتلة، قبل أن يعود إلى الموقف ذاته في تغريدة بعد انتهاء زيارته للمغرب.
ويزعم عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي لا يختلف في قناعاته وتوجهاته السياسية اليمينية عن زعيم حزبه، أن القناة التلفزيونية الفرنسية (فرانس 24)، باتت تحت سيطرة الجزائر (!!!)، يقول في نص السؤال: “منذ فترة، كان الصحفيون في القناة يحذّرون من جوّ معادٍ لإسرائيل والمغرب بشكل واضح داخل طاقم التحرير، بسبب سيطرة الجزائر على هذه الوسيلة الإعلامية الوطنية، ما تسبّب في التأثير على خطها التحريري”.
وجاء سؤال عضو مجلس الشيوخ بعد أيام معدودات من الانتقادات الحادة التي وجّهتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية لقناة “فرانس 24“، على خلفية طريقة معالجتها للحرائق التي اجتاحت بعض مناطق البلاد، وهو الانتقاد الذي طال شخصا يعمل لصالح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يعتقد أنه يحمل اسم كريم أملال، وهو من أصول جزائرية لكنه يخدم أجندة منظمة “الماك” الإرهابية، ويبيّض صورة زعيمها فرحات مهني، المدان بالمؤبد، لتورطه في جريمة تصفية الشهيد جمال بن إسماعيل، ما يجعل ما ذهب إليه السيناتور الفرنسي أمرا مثيرا للسخرية.
ويزعم كريستوف أندري فراسا، أن “الصحفيين الفرنسيين المغاربة (في القناة ذاتها) يتعرضون للتمييز والتهميش، منذ أن قام المغرب بتطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني، لأنهم يرفضون الاستسلام لخط معين مناهض للصهيونية، والذي لم يعد يخفي معاداة السامية التي تثير الغثيان، والتي تسود في القناة”.
ويتحدث عضو الغرفة العليا للبرلمان الفرنسي عن طرد رئيسي تحرير مغربيين كانا يعملان بالقناة، فيما ينتظر ثلاثة آخرون المصير ذاته بحلول نوفمبر المقبل، وهو ما يعني أن عضو مجلس الشيوخ الفرنسي يستبق الزمن من أجل الحيلولة دون طرد الصحفيين المغربيين.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الصحافيون المغربيون إلى الطرد في وسائل الإعلام الأجنبية التي يعملون بها، ففي فرنسا، أقدمت قناة “بي. آف. آم” الخاصة، على طرد الصحفي الفرنسي من أصل مغربي، رشيد لمباركي، في فيفري المنصرم، بعدما تأكّد، بالأدلة، أنه كان يخدم أجندة النظام المغربي في القناة الفرنسية، بحيث ثبت تورطه في مخالفة أخلاقيات المهنة، بوصفه الصحراء بـ”المغربية”، بدل “الغربية” وفق الأدبيات الإعلامية الفرنسية المعهودة.
كما طردت قناة “الجزيرة” القطرية الصحفي المغربي، عبد الصمد ناصر، نهاية شهر ماي المنصرم، بسبب نشره تغريدة مسيئة للدولة الجزائرية، وقد عمل النظام المغربي المستحيل من أجل عدم حصول الطرد، غير أنه فشل في ذلك، ليحمّل بعد ذلك فشله إلى الجزائر، زاعما بأنها هي التي تسبّبت في طرده.
وعادة ما يتجرد بعض الصحفيين المغربيين من أخلاقيات المهنة، ويتحولون إلى مناضلين في قاعات التحرير دفاعا عن النظام المغربي، الذي تبين، استنادا إلى لوائح البرلمان الأوروبي، وتحقيقات العدالة البلجيكية، أنه نظام مارق لا يراعي أعراف العلاقات الدولية، ولا يتورع عن إفساد الممارسة السياسية عبر شراء ذمم السياسيين بالمال، ويتجسّس على كبار مسؤولي الدول عبر برمجيات غير مرخصّة قانونا، كما حصل في فضيحة “بيغاسوس”.
وكالة الأنباء الجزائرية تنتقد قناة “فرانس 24” لتلاعبها في تغطية حرائق الغابات
مسؤول الملف السياسي بجريدة الشروق