أخبار بلا حدود- انتهت نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد من جرد جميع المجلدات المحفوظة في الأرشيف والتي تتضمن العقود التوثيقية الخاصة بالعقارات التي تعود ملكيتها الأصلية للدولة الجزائرية منذ سنة 1800، حيث سيتم استغلالها في استرجاع جميع عقارات وأراضي “البايلك” بقوة القانون، كما ستضع حدا نهائيا لـ”سماسرة العقار”، وهذا تحضيرا لدخول قانون حماية أملاك الدولة الجديد حيز التنفيذ بعد المصادقة عليه في غرفتي البرلمان في الدورة الخريفية المقبلة.
وفي التفاصيل، كشفت مصادر “الشروق”، أن نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، وفي عملية كبيرة سهرت من خلالها لمدة تزيد عن 6 أشهر على جرد جميع المجلدات المحفوظة في الأرشيف والتي تتضمن العقود التوثيقية الخاصة بالعقارات المملوكة للدولة منذ سنة 1800، إذ تم التدقيق فيها وتمحيصها، ثم تصنيفها، وهذه المجلدات حاليا جاهزة تماما للاستغلال.
وتأتي هذه العملية الكبيرة التي قامت بها نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد، في إطار سياسة الدولة ومسعى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لاسترجاع جميع أراضي “البايلك” التي تم الاستيلاء عليها عنوة من جهة، ومن جهة أخرى تحضيرا لدخول القانون الجديد المتعلق بحماية أملاك الدولة حيز التطبيق، إذ تضمن تدابير ردعية ضد كل عمليات الاستيلاء على الأراضي والعقارات المملوكة للدولة، وتسليط عقوبات بالسجن تصل إلى 20 عاما، للحد من عمليات البناء العشوائي، وضم أراض بدون وجه حق قانوني.
وأوضحت مصادرنا أن المجلدات الجديدة سيتم استغلالها فعليا في استرجاع جميع الأراضي والعقارات والأملاك التابعة للدولة والتي تم الاستيلاء عليها من طرف الخواص و”السماسرة”، أو منحها عن طريق الامتياز بطريقة عشوائية مقننة لرجال الأعمال المتابعين في الفساد، إذ أنه وخلال العقود الماضية، خاصة في فترة الأزمة الأمنية، وبسبب الفوضى التي سادت في تلك الفترة، جرى الاستيلاء على أراض زراعية ومساحات بناء مملوكة للدولة، وإنشاء عقارات وأحياء سكنية بصورة فوضوية، خاصة أن الدولة كانت منشغلة بمعالجة تداعيات الأزمة الأمنية الحادة التي شهدتها البلاد في فترة التسعينات.
واستغل رجال المال والنفوذ الظروف نفسها للاستيلاء على عقارات ومساحات مجاورة، بعضها ذات طابع زراعي وأخرى ذات طابع صناعي وحتى سياحي، ليتم فيها إنجاز مشاريع “سكنات ومصانع ومستودعات” وغيرها من دون رخصة قانونية تسمح بذلك، خاصة في الفترة الممتدة من 1991 إلى غاية 2019.
وفي هذا السياق، فجرت مصالح الأمن ممثلة في فصيلة الأبحاث التابعة للمجموعة الإقليمية لدرك الجزائر، فضائح من العيار الثقيل تتعلق بتعرض العديد من المجلدات للتزوير والتعديل غير القانوني من خلال تحويل العديد من أراضي الدولة إلى أملاك خاصة عن طريق حشر وزرع أرقام مزورة في محررات رسمية، وكذا تزوير عقود ملكية من الأرشيف تعود للحقبة الاستعمارية خاصة سنوات 1985 و1986 و1987 و1988، التي تم بيع نصفها في المزاد العلني واسترجاع الدولة للنصف الآخر، وهذا بأحكام وقرارات قضائية، إذ قام المتهمون في الملف بحشر مساحات وأرقام في هذه العقود تحت عنوان “التعيين”، بحيث تمت إضافة معلومات لا توجد في عقود الأرشيف عقد الملكية المالك الأصلي، ليقوم هؤلاء ببيع هذه الأراضي للملاك الجدد على أنها تعود إلى وراثة آبائهم أو عن طريق ما يسمى بـ”الشيوع”.
كما كشفت التحقيقات التي قامت بها فصائل الأبحاث التابعة للدرك بعدد من ولايات الوطن عن الطريقة التي انتهجها “سماسرة وبزناسية العقار”، إذ لجأ هؤلاء إلى استخدام فرائض مستخرجة عن طريق التصريح الكاذب، وشهادات سلبية لا تطابق أصل عقود الملكية وشهادات عقارية أيضا لا تطابق أصل الملكية، بحيث لا تحتوي على الاسم واللقب ولا المساحة أو العنوان ولا مخطط مسح الأراضي، وهذا بتواطؤ مع عدد من المحافظين والموثقين وخبراء عقاريين.
- المصدر: الشروق