أخبار بلا حدود- نصبح ونمسي على مضمون استراتيجيات صغيرة المدى أو واسعة الآفاق ، تحمل في عنوانها خطة التجديد لملامح الضعف والركود الى نور القوة والتمكين الرباني قبل أن يكون تمكينا بشريا ، اذ يمكن القول أنها كانت متوسطة التأثير مقارنة بسنوات الكفاح التي ضمنتها أجيال سابقة خلدت لنا بطولات كبيرة ننهل منها العبرة والحكمة والمنهج، وكانت فريدة في نوعها من حيث طرق التضحية والاستماتة ومقارعة المستدمر ، وبهذه التجربة المميزة ظهرت أدوات الكفاح للجيل المثابر اليوم مغايرة تماما لما يتطلبه الواقع والمشهد والمطلب الشعبي، لسنا نزايد على أحد ان قلنا أننا اليوم نفتقد لقوة البيان وصحوة الضمير بدلائل موسوعة الأخلاق المتزنة والمعتدلة، والتي تكفل لنا انطلاقة مشرفة وواضحة المعالم وثابتة الخطى نحو مستقبل أفضل .
فرغم حملات الوعي التي قادها رواد الوعي عبر منصات التواصل الاجتماعي وعلى فترات متواصلة لم تكن بالمنقطعة ، لكن التجديد لم يرافق تلك الحملات النوعية بالدرجة التي يريدها العقل الجزائري الحر والمنزه من شوائب ازدواجية الرؤى والموقف ،كما أنه لا أحد يزايد على أن النخبة الشريفة الثابتة على مواقفها ومبادئها وقيمها لا تزال تراقب المشهد عن بعد ولم تنسحب من معركة الحق التي بدأتها بمعارك لتحرير الوعي والإرادة ومقالاتنا تدرجت في وصفها بالجريئة والمواجهة لأصناف الباطل بتعرية ما خفي من محاولات تغطية الورم الخبيث الذي تسرطن بطريقة خفية، ذكية ، فيها من الحيل ما يكفي لاسقاط القدوات النزيهة واضعاف تأثيرها في المجتمع الجزائري والمجتمعات الأخرى، لأن العقول الراقية لها كلمتها الصادقة وبصمتها الواضحة وفي جميع المناسبات وضمن مختلف الأحداث المتسارعة ، ولا أحد يجرأ ان يمحيها من الوجود ، لأنها قدت ونسجت أفكارها من نور الله المنبعث من كلامه الحكيم ،قرآن عربي ليس به عوج ، ومن منهاج السنة النبوية التي فصلت بأحاديث نبوية واقع الأمة وأحداث آخر الزمان بما تكفي اليه الإشارة الى الفتن التي تطال نهار الأمة وليلها ، ووضعت هذه السنة تصحيحات وتوضيحات يجب مراعاتها لضمان نجاة الشعوب مما يحاك ضدها من مؤامرات وخطط للتقسيم الممنهج والدقيق لجسدها المترامي الأطراف اليوم تحت لواء مسمى الأمة العربية والإسلامية، اما الحكومات فلها موقف واضح فيما تعتمده من سياسات عملية لضمان الاستقرار والأمن كأولوية لاستمرار دولها، ،وما تشهده الدول العربية من اضعاف بمختلف الطرق وعبر مختلف الجوانب التي تمس بالبنية القوية لها ، لهو دلالة على حجم المؤامرة والدسائس ونوع السم المضاف للعسل المصفى ، وهي خلاصة لاضعاف لم الشمل العربي والإسلامي، الذي هو القوة الضاربة الحقيقية في العالم كله بتأثير السلوك الإسلامي المفعم بالايمان والصدق والإخلاص لله تعالى بدافع نيل رضاه .
ربما وصلنا الى أنه من اللازم تصحيح المغالطات التي نعيشها اليوم وهي مغالطات في طريقة اقناع الناس بان كل شيء على ما يُرام، في محاولة لصناعة القوة الكافية لضمان استمرار الأمة بتشعبات الأجناس فيها ولكن المنهج واحد والبوصلة واحدة ،بوصلة احقاق الحق واتباع منهج الله تعالى وعدم الحياد عنه مهما كانت الضغوطات كبيرة ومهما كانت المساومات عديدة.
فمن بين فصول هذه المغالطات أن الأمة العربية في حقيقتها مشتتة وغير متفقة على نقاط مشتركة للتحرر من قيود الاستعمار التي بدلت طرقها اليوم تحت أقنعة شبيهة جدا بالأوجه الحقيقية لمن يمثلون الوطنية والإسلام والعادات والتقاليد الموروثة، اذ لم يعد المستعمر يقتحم الحدود بالسلاح والغوص بالقوة لينهب خيرات البلاد المستعمرة ويجردها من هويتها وثقافتها الحضارية وميراث الثبات فيها ، بل صار هذا المستعمر يتلون بألوان الوطنية والتدين مرة ، وبألوان الخروج بخرجات الضاحك المستهزىء بقيمنا العتيدة مرة أخرى تحت لواء أننا ضعاف كفاية في مقاومة تيار التغريب والانسلاخ ، لكن هذا المستعمر نسي أو تناسى أن فطمنا على حب الله والدين والوطن كأم كبرى تأوينا ،كما سني هذا المستعمر أننا صرنا نفهم منه بالإشارة ما يريده وما ينويه بتلاعبات خطاباتها المعسولة في الكلام ، غعلى سبيل المثال في كلمة الهدنة تحضير لتصعيد أكبر ، وفي مفهوم التصالح تحضير لضربة تالية أكثر إصابة للهدف بدقة بالنيل منش رفاء الأمة وعقولها الصادحة بالحق كمصباح تنير به درب التائهين والحيارى ، كما صرنا نتهيأ نفسيا لسماع أنواع الخطابات التي تتلى على مسامعنا خلف الحدود المائية والبرية بما يشعرنا بحجم الخطر الذي نحن فيه وحتى نوعه على بعد أميال امن الدول الظالمة، فصرنا نسمع ونكتب نتائج حواراتهم العدائية لنا على جدران أزقتنا أن عدو الأمس هو نفسه عدو اليوم والغد ولا يمكنه أن يتوب أو يتراجع عن خططه وبرامجه السامة لاضعاف همتنا كجزائريين أو كعرب ومسلمين.
بات اليوم وأكثر من أي وقت مضى ضروريا تصحيح بعض المغالطات التي يدعو اليها بعض المثقفين الغير مبالين بقضايا العامة في عقر دارهم ولا بجراحهم العميقة التي تنبعث من خطايا العابثين بالكرامة والحرية ، هو باختصار مستعمر قديم بحلة جديدة يحاول بأيادي عملائه في الداخل وحتى الخارج خلط أوراق الأسرة الوطنية واثارة البلبلة فيها ، تحت غطاء الديمقراطية التنافسية في المشاركة في التقسيم العالمي للدول التي لا تزال تتمتع بالأمان وبصناعة القرار الثابت والمنبثق من بيان أول نوفمبر ،لكن ماهي هذه المغالطات ومن يصححها؟.
المغالطات هي الإبقاء على النخب القوية التأثير بأخلاقها وعلمها وصفاء سريرتها بعيدة عن مواقع صناعة القرار بما لديها من كفاءة ومهارات إصلاحية، اذا يمكن القول أن فيه احتكار للفرصة والقرار والمعلومة، وفيه احتكار لأصحاب المناصب الذين باتوا اليوم عاجزين حقيقة على مواكبة الرهانات الحالية ولا أقول القادمة بماأان بعض الصراعات بدأت تطفو على السطح وهي بدورها تحتاج الى أشخاص أقوياء في العقيدة والأخلاق والعلم والعمل ومجردين من الدوافع الشخصية التي ينطلقون من خلالها لتحقيق مآرب لا تتجاوز مصالحهم الخاصة فقط، فالجزائر اليوم والأمة برمتها بحاجة الى تغيير في نوعية الدماء التي ستضخ في شرايين مؤسساتها وقواعدها الدفاعية أيا كان نوعها ، سواء قواعد فكرية أو عسكرية او اقتصادية ، بالإضافة الى مغالطة أن ما يصرح به من وعود لا يجب أن يبقى حبرا على ورق، لأن الكل بات يفهم أن العجلة تدور بأقل من السرعة المطلوبة في تجسيد برامج التنمية المنتظرة وتحقيق الأهداف المنشودة والتي أهمها :
تحقيق عيش رغيد تكفله مبادئ احترام الآخر وضمان حقوقه من التسويف والاستهتار وتوقيع بنودها من منطلق قرآني سني ،اذ أن القانون الوضعي اليوم بات عاجزا على أكثر من صعيد في أن يحفظ للأسرة كرامتها ووحدة شمل أفرادها ،فما بالك بالمجتمع الذي يأخذ الصورة النمطية لهذه الأسرة الهشة التي لم تشفع فيها محاولات المصلحين وخطابات الأئمة في ترقيع ما فسد فيها ، وهذا لأن المعضلة كبيرة جدا وهي الابتعاد عن المنهج الرباني في حياتنا اليومية وكذا المهنية بصفة عامة ، وكأن ما بات يتحقق اليوم مجرد ذر للرماد في العيون وبنسق بطيء جدا لا يفي بالغرض وسط تكالبات الأمم الأخرى التي هي في أصلها تجاوزت عقد الظلم والتناوش لأن القانون مطبق في الأحياء السكنية والمحاكم والشركات الرائدة عندها، وما تعيشه الجزائر اليوم كنموذج لدولة تسعى للتحرر من عقد المستعمر التي هو الآن يشعر بها أكثر من أي وقت مضى أنها لم تستغل الاستغلال الجيد الطاقات الموجودة والتي هي مهمشة حاليا ، وهذا لأن الحسد لم يترك فرصة إيجابية مميزة ومبدعة لتطفو على السطح وتؤدي دورها الرائد الا الفرص التي سمح لها بالظهور لغرض من الأغراض، لكن المميز يبقى مميزا لأن الله أودع فيه بتمام التجريب للمحن ومختلف الابتلاءات التي صقلتها وصنعت منه قوة لا تقهر.
لكن من يسمع بهذه الطاقات الفاعلة ومن يخرجها للعلن لتؤدي دورها ، وقبل ذلك لابد من التحقيق والكشف عن أسباب تهميشها، وهل هذا التهميش متعمدا..ولماذا لم يتم رد الاعتبار لهم في آوانه؟.
من جهة أخرى وكأهم المغالطات التي يعيشها الناس اليوم هي تصور الاكتفاء بالقوة العسكرية كمخرج وكضمانة للخروج من الأزمات التي نعيشها وهذا تصور خاطئ، اذ أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي حتى لو امتلكت من القوة ما يجعلها مصنفة ضمن أقوى الجيوش ، لأن القوة الحقيقية هي الاستثمار في الطاقات الفاعلة والعقول الراقية ورد الاعتبار لها ومنج الفرصة بلا تمهيد للطريق أمامها، لأنها هي من سيمهد الطريق لنفسها بنفسها بعزيمتها واصرارها وارادتها التي ينصرها الله مادامت تسير في ما يرضيه، فلماذا سكت الساكتون عن التعريف للعامة بهذه الطاقات النيرة التي تحمل نور الحق والعمل والجد بين أيديها؟.
على من تعولون لصناعة مجد الجزائر التي سميتموها بالمنتصرة، وهل اكتمل النصر وأخيار الأمة معزولون عن حقهم بفعل فاعل ؟.
ضف الى مغالطة أن الجزائر قوية كفاية لتهدم حضارة أي دولة ، هذا قول مبالغ فيه ،بالنظر الى فئة الشباب التي تعاني البطالة وتتكتفي بمنحتها كتعويد لها على الكسل وعدم القيام بالأدوار الحقيقية في الحقول والمصانع والمخابر والجامعات ، فمن يصحح هذه المغالطة التي ضربت حقيقة قوة شبابنا وارادته الحقيقية؟.
ضف الى مغالطة تنويم المجتمع بتوفير الأكل والمشرب والملبس حتى لا يطالب بأشياء أخرى، فمن حق الشعب أن يعمل ويطالب في نفس الوقت بالأحسن والأفضل في أن يتمتع بخيرات بلده الغنية والتي تمتد من الصحراء الى الشمال ومن المحيطات الى السهول، فمن يصحح ليساهم الجميع في تحرير الوطن من مغالطات الوهن واضعاف الهمم.
وهناك مغالطات كثيرة ذكرنا أهمها والبقية لمن يحس بها ويتمنى أن يجد لها حلول، فمن يصحح مغالطات اليوم ، من أجل وطن قوي اليوم..كما سميتموها جزائر منتصرة؟.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.