أخبار بلا حدود- تنتهي الاثنين 17 جويلية 2023 اتفاقية الصيد البحري الموقع بين نظام المخزن المغربي والاتحاد الأوروبي، بعد أربع سنوات من الجدل السياسي والصراع القضائي بين الرباط وبروكسل، حول قانونية هذه الاتفاقية التي أسقطتها العدالة الأوروبية بقرار تم استئنافه من قبل الرباط وبروكسل.
وقبل أن تصل هذه الاتفاقية إلى نهايتها، أعلن الاتحاد الأوروبي في جوان المنصرم عدم وجود نية للدخول في مفاوضات جديدة من أجل تمديده، بل إن تصريحات من مسؤولين أوروبيين على اختلافهم، أكدوا أنهم سوف لن يجددوا الاتفاق ما لم يبت القضاء الأوروبي في الحكم القضائي المستأنف، الذي قضى بعدم قانونية هذا الاتفاق، لكونه يشمل الأراضي الصحراوية المحتلة من قبل نظام المخزن المغربي، والتي اعتبرها القضاء الأوروبي، أراض غير خاضعة للسيادة المغربية المزعومة.
واعتاد الاتحاد الأوروبي على البدء في مفاوضات مع المملكة المغربية لتجديد اتفاقية الصيد البحري قبل أشهر من نهاية العقد، وهي الحالة التي لم تسجل هذه السنة.
وتسيطر إسبانيا على غالبية السفن التي تصيد في المياه الإقليمية للأراضي الصحراوية المحتلة ومعها المغربية، استنادا إلى الاتفاقية المنتهية، بواقع 93 سفينة من مجموع السفن الأوروبية البالغ عددها 128 سفينة، مقابل نحو 52 مليون أورو، في مبلغ زهيد لا يعكس الجدل السياسي الذي رافق نهاية الاتفاقية، ما يؤشر على أن النظام المغربي كان يستهدف دفع الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف ضمنيا بسيادته المزعومة على الأراضي الصحراوية المحتلة، وليس تحصيل مقابل مادي في مستوى النهب الذي تتعرض له المياه الإقليمية المغربية على يد الصيادين الأوروبيين.
وكانت محكمة الاتحاد الأوروبي قد ألغت في سبتمبر 2021، الاتفاقية وحكمت لصالح جبهة البوليساريو باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، كون الاتفاق أبرم دون موافقة الصحراويين، غير أن المجلس والمفوضية الأوروبيين استأنفا القرار في ديسمبر من نفس العام، لتبرير استمرار العمل بنص الاتفاقية المنتهية.
وأقر الأوروبيون باستحالة تجديد الاتفاقية قبل بت القضاء الأوروبي في الاستئناف المرتقب قبل نهاية العام الجاري، وقال المفوض الأوروبي للبيئة والمحيطات والصيد، فيرجينيوس سينكيفيسيوس، إن تمديد اتفاقية الصيد البحري مع المملكة المغربية، أمر “صعب ومعقد”، نظرا للقرار الذي يرتقب اتخاذه، قبل نهاية العام الجاري، من قبل محكمة العدل الأوروبية، التي سبق لها وألغت اتفاقيات التجارة والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في سبتمبر 2021.
ومن سوء حظ النظام المغربي أن العلاقات بين الرباط وبروكسل، تعاني من أزمة ثقة غير مسبوقة، جسدها آخر إدانة للنظام المغربي من قبل الاتحاد الأوروبي الخميس المنصرم، على خلفية تدخله في السياسة الداخلية لدول الاتحاد ودعمه أحزاب سياسية يمينية، كما حصل في فضيحة الانتخابات التشريعية الأخيرة في إيطاليا، وهي الإدانة التي مرت في صمت مثير للشبهات من قبل الإعلام المغربي.
وتضاف هذه الإدانة إلى إدانات أخرى كثيرة ضد الرباط صدرت عن بروكسل خلال السنة الجارية في مشهد لافت، يؤكد على انهيار الثقة بين النظام المغربي وحلفائه الأوروبيين، الذين خسرهم في لحظة من الصلف، بعدما شعر بأن “تغريدة” الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب التي دفعته نحو موبقة التطبيع مع الكيان الصهيوني، تغنيه عن الحاجة إلى الأوروبيين، الذين انتصروا لشرفهم وردوا الصاع صاعين بوضع العدالة البلجيكية شخصيات مغربية بارزة في النظام، على قوائم المطلوبين، على خلفية فضيحة الفساد السياسي المتمثلة في شراء ذمم النواب الأوروبيين بالمال، تضاف إليها فضيحة التجسس على مسؤولين كبار في الدول الأوروبية، مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الحكومة الإسبانية المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز وآخرين كثر.
وتؤكد هذه المعطيات أن سنوات المحاباة التي لطالما تمتع بها النظام المغربي مع جيرانه الشماليين انتهت، ويمكن تلمس هذا المعطى أيضا، من خلال الأزمة التي تجتاح العلاقات المغربية الفرنسية، علما أن باريس هي التي تبلور الموقف الأوروبي في علاقاته مع دول الضفة الجنوبية الغربية للبحر الأبيض المتوسط.