أخبار بلا حجدود- توقع تقرير صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، مزيدا من المشاكل بين الجزائر وإسبانيا بخصوص أسعار الغاز، والسبب الخلافات التي تطبع العلاقات بين البلدين منذ العام المنصرم، على خلفية قرار رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، تغيير موقف بلاده من القضية الصحراوية بما يخدم أجندة نظام المخزن المغربي.
التقرير الذي جاء تحت عنوان “متعقّب الطاقة”، والذي يسلط الضوء على الاتفاقيات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه مع طرف ثالث، توقف عند العلاقات الطاقوية ولاسيما ما تعلق بصفقات الغاز بين الجزائر ومدريد، والتي تكللت في سنة 2022 بمراجعة بعض بنود الاتفاقيات السارية بين الطرفين، بإصرار من الجانب الجزائري على مراجعة الأسعار، بسبب ارتفاعها في السواق العالمية، مدفوعة بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وكذا قرار الجزائر بتعليق العمل ببنود معاهدة الصداقة وحسن الجوار في جوان من السنة الماضية، بعد عقدين من توقيعها، بسبب المواقف “غير الودية” من حكومة بيدرو سانشيز، كما وصفها الرئيس عبد المجيد تبون في أحد تصريحاته.
وبموجب العقود الجديدة الموقعة بين شركة سوناطراك ونظيرتها الإسبانية “ناتورجي”، تمت مراجعة أحجام الغاز المصدر وكذا أسعاره خلال سنة 2022، وسط توتر بين الطرفين، ويشير تقرير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أنه ورغم ضبط قيمة الغاز المصدر في العقد المبرم بـ10 ملايير أورو (10000 مليون يورو)، إلا أنه ومع ذلك، يحذر من أنه “من المحتمل أن يكون هناك مزيد من الخلافات بين الطرفين بشأن هذه القضية”، علما أن العقد الموقع في عام 2022 يتضمن صادرات من الغاز الطبيعي تعادل ثمانية ملايير متر مكعب سنويا حتى العام 2032.
وكانت إسبانيا تحصل من الجزائر على الغاز بأسعار تفضيلية بموجب اتفاقية الصداقة وحسن الجوار الموقعة في سنة 2002، إلى أن تفجرت الأزمة بين البلدين في ربيع العام المنصرم، بقرار “استفزازي” من قبل حكومة بيدرو سانشيز، وعندها قررت الجزائر بإصرار إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين سوناطراك وناتورجي، وإخضاعها للمراجعة السنوية بعدما كانت كل ثلاث سنوات على الأقل، كما رفعت من سعر المتر المكعب من الغاز إلى نحو 49 دولارا بعدما كان في حدود الـ39 دولارا، مع مراجعة وشيكة هذه السنة أيضا، فضلا عن تأكيد الالتزام بالأحجام المتعاقد عليها بشأن الغاز المصدر عبر أنبوب ميدغاز الرابط بين التراب الجزائري والإسباني مباشرة دون المرور على التراب المغربي، بعد وقف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي المار على المغرب في نوفمبر 2021، بقرار جزائري.
ورغم استمرار التوتر بين الجزائر ومدريد، تشير دراسة المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إلى أن الجزائر ستبقى على رأس الدول الرئيسية الموردة للغاز إلى إسبانيا، إلى جانب كل من الولايات المتحدة الأمريكية ونيجيريا، مقابل استمرار كل من نيجيريا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، كموردين رئيسيين للنفط إلى إسبانيا.
وفي السياق ذاته، تحدث التقرير عن توصل أربع دول أعضاء مختلفة في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاقيات ثنائية مع الجزائر، غير أن التقرير لم يشر إن كانت هذه الدول جديدة، علما أن الجزائر لها شركاء تقليديون في القارة العجوز على صعيد الطاقة، على رأسهم إيطاليا المستفيد الأول من الأزمة بين الجزائر ومدريد، والتي تحولت إلى مركز لتسويق الغاز الجزائري في أوروبا بقرار من الجزائر عقابا لمدريد التي خسرت الكثير لتجهيز بنيتها التحية لأجل ذلك، فضلا عن البرتغال وإسبانيا المرتبطة بعقود إلى غاية 2032، بالإضافة إلى فرنسا التي تسعى إلى الرفع من وارداتها بنحو خمسين بالمائة، وفق تصريح للناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية، أوليفيي فيران، غداة زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر الصائفة المنصرمة.
يحدث هذا في الوقت الذي تقوم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمساعي تأمين إمدادات غاز جديدة، وذلك من خلال تأمين إمداد نحو51 بالمائة من الاتفاقيات تتعلق بالغاز أو الغاز الطبيعي المسال، وفق التقرير الذي أشار إلى أن “الاتحاد الأوروبي لا يزال بعيدًا عن تحقيق الكميات التي يشير إليها حاليًا في المناقشات حول مشتريات الغاز المشتركة”.