أخبار بلا حدود- كشفت قناة فرانس 24 الفرنسية، إيقاف 4 عاملين في القسم العربي عن العمل بعد توجيه اتهاماتٍ لهم من قبل منظّمة مؤيّدة للكيان الصهيوني بنشر تعليقات “معادية للسامية”، حتّى الانتهاء من التحقيق.
ويتعلق الأمر بكل من مراسلة القناة في القدس المحتلة ليلى عودة، والصحافيتان اللبنانيتان دينا أبي صعب (متعاونة مع القناة وليست موظفة)، المراسلة في مكتب بيروت جويل مارون، إضافة إلى الصحافي الفلسطيني – الفرنسي شريف بيبي الذي يعمل في موقع Info Migrants التابع للقناة والخاص بشؤون الهجرة واللاجئين.
ونشرت الشبكة، بياناً على النسخة العربية من موقعها، قالت فيه: “بعد نشر موقع كاميرا لمقال نقله مركز سيمون فيزنتال، مشكّكاً في مهنية صحافي وثلاثة مراسلين في القسم العربي لقناة فرانس 24 بسبب أقوال نشروها على صفحاتهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي، أجرت إدارة القناة على الفور تدقيقاً داخلياً على هذه الأقوال المفترضة، وفقاً لما كانت أبلغته داخلياً منذ العاشر من مارس الجاري.
وعلى سبيل الاحتياط ووفقاً لما هو متبّع في إطار هذا النوع من الإجراءات، تم وقف نشاط الصحافيين الأربعة المعنيين بانتظار نتائج التدقيق”.
يأتي ذلك، بعد رسالة مفتوحة وجّهها مركز سيمون فيزنتال إلى إدارة قناة فرانس 24، في 7 مارس الحالي، للتعبير عن “صدمته من معاداة السامية لدى مراسلي القناة العربية”.
ويعرّف هذا المركز عن نفسه بأنّه “يتصدى لمعاداة السامية والكراهية والإرهاب، ويقف إلى جانب” الكيان الصهيوني”، ويدافع عن سلامة اليهود في جميع أنحاء العالم، ويعلم دروس الهولوكوست للأجيال القادمة”.
ويعمل موقع كاميرا، الذي يتّخذ من مدينة بوسطن مقرّاً له، على تتبّع وترصّد العاملين والصحافيين العرب في المؤسسات الإعلامية الغربية التي تصدر بالعربية، بحثاً عن أيّ إشارة تدلّ على انحيازهم للفلسطينيين، ومن ثمّ التعريض بهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، في طريقةٍ عملٍ تتشابه مع المخبرين الأمنيين، عبر “التنقيب” في حساباتهم للإيقاع بهم.
حادثة تعليق عمل الصحفيين العرب من المواقع والقنوات الغربية ليست بالجديدة بل سبقتها العديد من سلسلة التوقيف في الممارسة الإعلامية لعديد الصحفيين ومراسلي القنوات الغربية الذين وجهت لهم اتهامات بالانحياز للقضية الفلسطينية والفلسطينيين وهو ماا عتبرته هذه القنوات تصرفا غير مهني على حد تعبيرهم في حين يعتبر تشريد الفلسطنيين وقتلهم أمرا عاديا في نظرهم.
كما هو الحال مع مراسلة “فرانس 24” في بيروت، جويل مارون، إذ “نبشت” تغريدات عمرها أكثر من 10 سنوات، للتدليل على معاداتها للسامية.
كما تم توجيه اتهامات لعودة “بتمجيد الإرهاب والتقليل من أهمية الضحايا (الصهيونيين )”، مدلّلين على ذلك باستخدامها كلمة شهيد لوصف الفلسطينيين الذين يقتلهم جيش الاحتلال، وكذلك استخدامها عبارة “أراضي عام 1948” بدلاً من استخدام كلمة “إسرائيل” عند التطرق إلى دولة الاحتلال.
وهو نفس الأمر الذي تعرضت له الصحفية دينا أبي صعب، التي تم مهاجمتها لأنها استخدام كلمات مثل “شهيد” و”المقاومة” في منشوراتها حول الصراع العربي الإسرائيلي على منصات التواصل الاجتماعي، علماً أنها نقلتها عن بيانات رسمية.
أمّا بالنسبة لشريف بيبي، فاتّهم بمعاداة السامية، بناءً على استعاضته عن استعمال كلمات مثل “إسرائيل” و”إسرائيليين”، بـ”الكيان الصهيوني” و”الصهاينة”، إضافةً إلى تغريدة واحدة قال فيها: “اسمع اسمع اسمع… من بحر دماء الشهداء… من نفس الثوار الأحمر.. سنقتلعك يا إسرائيل من جذورك”.
والغريب في الأمر، أن مركز “سيمون فيزنتال” ذهب للاستدلال في رسالته عن تاريخ معاداة السامية في الصحافة الفرنسية، منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتّى اليوم، في تمييع تام للفرق بين وضع اليهود كأقلية مضطهدة في أوروبا خلال القرون الماضية والمستعمرين اليهود في دولة الاحتلال التي تأسّست على الإبادة والتطهير العرقي للفلسطينيين، وهو الأمر الذي يستمرّ حتى اليوم عبر سياسات التوسّع الاستيطاني في مخالفةٍ لقرارات الأمم المتحدة، والفصل العنصري والقتل اليومي للفلسطينيين ،ليقع في تناقضات لايتقبلها العقل البشري.
وحمّل المركز شبكة فرانس 24 ومديرتها فانيسا بورغراف مسؤولية التدقيق في حسابات وكتابات العاملين مع المؤسّسة، وحثّتهم على “اتخاذ الإجراءات اللازمة” بحقّ الموظفين الأربعة.
في حين تلقا الصحافيون الأربعة، اتصالات هاتفية ورسائل بريدية من إدارة القناة تبلغهم فيها بتعليق عملهم إلى حين الانتهاء من تحقيق داخلي، ستقوم به المحطة الفرنسية، إلى جانب توكيلها لمكتب خارجي، للتدقيق في تغريدات وتدوينات الصحافيين، على أن يتقرّر بعدها مصير هؤلاء.
وفور انتشار خبر توقيف الصحفيين من مزاولت مهامهم الإعلامية انطلقت حملات تضامنية مساندة لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
القضية الفلسطينية ورغم كل المحاولات الا أنها تبقى القضية المحورية التي تجمع كل من لهم نخوة على القدس في الواقع والمواقع.