أخبار بلا حدود – تأتي زيارة بريت ماكغوك، المسؤول الرفيع بمجلس الأمن القومي الأمريكي إلى الجزائر، قبل أحداث مهمة تنتظر الرئيس عبد المجيد تبون أبرزها قمة أمريكا إفريقيا التي يحتمل أن يشارك فيها شخصيا، واللقاء المرتقب بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الذي أعلن أنه سيكون قبل نهاية هذا السنة.
وقال موقع “القدس العربي” في تقرير له، إن هذه التحركات الدبلوماسية الأمريكية والروسية اتجاه الجزائر، تشير لوجود تنافس على استقطاب البلاد أو على الأقل الإبقاء على حيادها في مسائل الصراع الدولية الجارية حاليا.
وتبحث مقاربة الجانب الروسي، تعزيز العلاقات أكثر مع الجزائر والتوجه نحو “الشراكة الاستراتيجية” وفق ما سبق لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الإعلان عنه.
أما الجانب الأمريكي، فمن خلال الإشارات الأخيرة التي بعث بها نواب الكونغرس وتصريحات السفيرة بالجزائر، فيحاول التخفيف من قوة العلاقات التي تجمع الجزائر بموسكو في المجال العسكري، عبر استغلال حرب أوكرانيا والتلويح بعقوبات ضد من يشتري السلاح الروسي، مع الترغيب في نفس الوقت بإمكانية تطوير العلاقات مع واشنطن.
وما يدعم ذلك، تصريحات منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي، بريت ماكغورك، التي جاءت مثنية بقوة على الجزائر ودورها في المنطقة.
وقال المسؤول الأمريكي عقب لقائه الرئيس تبون، إن “الشراكة بين الجزائر والولايات المتحدة “قوية جدا”، مبرزا إرادة البلدين في العمل سويا من أجل تعزيزها أكثر. وأضاف أن اللقاء “تحدث عن الأوضاع في أوروبا وشمال إفريقيا ونحن نعمل قدما لتطوير الشراكة في المنطقة حيث لاحظنا تطور كبيرا في هذا المجال”.
واللافت أن لقاء الرئيس تبون مع المسؤول الأمني الأمريكي، تم بحضور المدير العام للوثائق والأمن الخارجي (مدير المخابرات الخارجية)، اللواء مهنى جبار، بالإضافة إلى لمسؤولين كبار في صورة وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون المتصلة بالدفاع والأمن، بومدين بن عتو.
أما عن الجانب الأمريكي، فقد حضرت المساعدة الرئيسية لنائب كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية، يائيل لومبرت، وسفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، إليزابيت مور أوبن.
وامتدت لقاءات المسؤول الأمريكي لوزارة الدفاع الجزائرية، حيث التقى الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش.
وأبرز بيان للوزارة أن “الطرفين تطرقا خلال اللقاء الذي حضره ألوية وعمداء من أركان الجيش الوطني الشعبي ووزارة الدفاع الوطني وأعضاء الوفد العسكري الأمريكي، الى حالة التعاون الثنائي بين البلدين، وبحثا سويا الوسائل الكفيلة بتعزيزه أكثر فأكثر، كما تناولا أيضا السياق الأمني على الصعيدين الاقليمي والدولي “.
كما شكل اللقاء -حسب البيان- فرصة لتبادل التحاليل ووجهات النظر حول المسائل ذات الاهتمام المشترك.
وكانت السفيرة الأمريكية إليزابيث مور أوبين في ندوة صحفية أخيرة لها، قد ذكرت أن مجال التعاون الأمني والجهود المشتركة ضد الإرهاب والشراكة الاقتصادية يعتبران من أهم محاور العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث يسعى البلدان حسبها، إلى تكريس الاستقرار وتحقيق الازدهار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل”.
لكن نفس السفيرة، عندما طلب منها التعليق على دعوات نواب في الكونغرس لفرض عقوبات على الجزائر، أجابت في حوار لها مع موقع “أنترلين” الجزائري، بحذر قائلة: “جزء من عملي هو شرح القانون الأمريكي للمسؤولين الجزائريين.
أمريكا تصدم المغرب بشأن الصحراء الغربية: وتكشف طبيعة العلاقات مع الجزائر
وسيتخذ القادة الجزائريون قرارات سيادية تخص بلادهم”. أما حول ما إذا كانت العقوبات ممكنة، ذكرت أوبين أنها لا تستطيع الإجابة على سؤال افتراضي، تاركة الغموض حول ما تقصده بالضبط.
وسبق لـ 27 سيناتورا من الكونغرس الأمريكي تقودهم الجمهورية ليزا ماكلين، أن دعوا وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن البدء فورًا في تنفيذ “عقوبات كبيرة على أولئك الموجودين في الحكومة الجزائرية المتورطين في شراء الأسلحة الروسية”، لأن “الولايات المتحدة تحتاج إلى إرسال رسالة واضحة إلى العالم مفادها أنه لن يتم التسامح مع دعم فلاديمير بوتين وجهود الحرب البربرية لنظامه”.
وبحسب السيناتور ماركو روبيو عن ولاية فلوريدا (طالب بشكل منفصل تطبيق عقوبات على الجزائر أيضا)، فإن“الجزائر من بين أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم، وبلغت ذروتها بصفقة أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار في عام 2021”.
ومن الجانب الرسمي الجزائري، لا يوجد ما يشير لانزعاج أو تخوف من هذه التحركات، حيث تستمر العلاقات الجزائر الأمريكية في السير بصورة طبيعية.
وينتظر أن تشارك الجزائر بفعالية خلال ندوة أمريكا إفريقيا، المقررة يوم 13 ديسمبر المقبل، عبر تمثيل رفيع لم يتحدد بعد إن كان سيكون بحضور الرئيس تبون شخصيا.
كما أن هذه الضغوط غير المباشرة، لم تؤد بالمقابل، إلى تغير في السياسة الخارجية بخصوص العلاقة مع روسيا، حيث تبقى علاقة الجزائر مع موسكو قوية، بعيدا عن تطورات الحرب في أوكرانيا التي أخذت منها الجزائر منذ البداية مسافة، فهي ترفض احتلال أوكرانيا كما تقر بحق روسيا في حماية أمنها القومي.
وكتأكيد على ذلك، ينتظر أن يقوم الرئيس عبد المجيد تبون بزيارة رسمية لروسيا قبل نهاية السنة الجارية، في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين.
وأوضح السفير الروسي في الجزائر فاليريان شوفاييف في تصريحاته الأخيرة، أن هناك ترتيبات لاستقبال الرئيس الجزائري في موسكو، معتبرا زيارته ستكون “حدثا مهما جدا للعلاقات بين البلدين”. وأعرب عن أمله في “أن تعطي هذه الزيارة زخما إضافيا لتطوير التعاون بين الجزائر وروسيا”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد دعا نظيره الجزائري لزيارة موسكو، في مايو الماضي عن طريق وزير خارجيته سيرغي لافروف الذي أدى زيارة للجزائر.
ويطمح البلدان للتوقيع على “اتفاقية استراتيجية تعكس النوعية الجديدة للعلاقات الثنائية بين الدولتين، وتستجيب للتطور السريع للعلاقات الودية من أجل الحفاظ على مستوى عال من التفاعل”.
كما ينسقان في موضوع طلب الجزائر الانضمام لمجموعة “بريكس”، في حين يشكل التعاون العسكري، أكثر الملفات أهمية في العلاقات بين البلدين، إذ تبقى روسيا أهم ممون بالسلاح للجزائر منذ الاستقلال.
صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا: زيارة تبون لموسكو تمتحن صبر الغرب
- المصدر: موقع القدس العربي