أخبار بلا حدود – تحدث أحمد صادوق، رئيس المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، عن تحضير حزبه لتقديم “ملتمس الرقابة” ضد حكومة أيمن عبد الرحمن بمناسبة تقديمها بيان السياسة العامة، وهو إجراء يعني حجب الثقة عن الحكومة وفق الدستور الجزائري.
وقال صادوق الذي يمثل أكبر حزب معارض في البرلمان بـ65 نائبا، في تصريح لـموقع ”القدس العربي” إن الكتلة التي يمثلها تستعد لتفعيل المادة 161 من الدستور التي تعطي الحق في تقديم ملتمس الرقابة على عمل الحكومة، في حال تقدير مجموعة من النواب أنها فشلت في أداء مهامها.
وأوضح المتحدث أن بعض الوجوه الوزارية يجب أن ترحل، فهي فشلت وعجزت أن تكون في مستوى التطلعات والتحديات، موجها انتقادات لاذعة لبيان السياسة العامة الذي سيطرحه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن على المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان).
وتشير المواد 160 و161 و162 من الدستور الجزائري المعدل سنة 2020، إلى أنه “يمكن للمجلس الشعبي الوطني لدى مناقشته بيان السياسة العامة، أن يصوت على ملتمس رقابة ينصب على مـسـؤولية الحكومة”.
ولا يُقبل هذا الملتمس، وفق الدستور، إلا إذا وقّعه سُبُع (1/7) عدد النواب على الأقل. وتتم الموافقة على ملتمس الرقابة بتصويت أغلبية ثلثيْ النواب. ولا يتم التصويت إلا بعد ثلاثة أيام من تاريخ إيداع ملتمس الرقابة. وفي حال صادق المجلس الشعبي الوطني على ملتمس الرقابة، يقدم الوزير الأول استقالة الحكومة إلى رئيس الجمهورية.
ويعترف صادوق أن فرص مرور ملتمس الرقابة ضعيفة، بالنظر إلى أن الحكومة لديها أغلبية مريحة داخل المجلس تضمنها أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء الوطني وكتلة الأحرار، لكن حزبه يريد من خلالها مع ذلك إسماع صوته وإبداء عدم رضاه على عمل الحكومة.
ويقول النائب في نقده لبيان السياسة العامة، إن هناك معايير عالمية لتقييم السياسات العمومية غالبا ما تتعلق بالانسجام والفعالية والنجاعة والاستدامة وتحقيق الأثر، متسائلا عن مدى تحقيق الأثر الإيجابي على المواطن من خلال هذه السياسات؟
وأجاب بالقول: “الحقيقة أن الواقع المعاش لا يحتاج إلى توضيح أو كلام، حيث أن المواطن الجزائري عموما، ولا سيما من الفئات الهشة، لا يزال يعاني للأسف من نفس ظروف المعيشة الصعبة وتدني القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار خاصة في المواد الاساسية، ولا يزال يعاني سوء الخدمات في مختلف الإدارات العمومية وفي الخدمات الصحية ويتعرض يوميا لمختلف أنواع الصد والإجراءات البروقراطية والتأخر في معالجة قضاياه”.
واعتبر صادوق أن بيان السياسة العامة، ورد خاليا من كثير من الأرقام والمؤشرات التي ترصد مدى التقدم أو التأخر في مختلف المجالات، وهذه نتيجة طبيعية لمخطط عمل الحكومة الذي تمت المصادقة عليه السنة الماضية، وهو لا يحمل أي رؤية أو أهداف محددة أو أرقام أو آجال زمنية أو ميزانية للإنجاز، يمكن القياس عليها اليوم. كما أن البيان تضمن بعض الإجراءات المتعلقة بالمستقبل على شكل أماني والتزامات وشمل قضايا مكتبية لا ترقى لأن تكون منجزا يتم الحديث عنها”.
ويُقدم الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، غدا الاثنين أمام نواب المجلس الشعبي الوطني بيان السياسة العامة للحكومة، الذي يتضمن حصيلة الانجازات المحققة في مختلف المجالات، خاصة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، والتي تعتبر تجسيدا للإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
ويأتي هذا طبقا لأحكام المادة 111 من الدستور التي ورد في فقرتها الأولى أنه “يجب على الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، أن يقدم سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة”.
ويتناول بيان السياسة العامة للحكومة، حصيلة النشاطات والأعمال التي أنجزتها مختلف القطاعات خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 2021 إلى غاية أوت2022 في إطار تجسيد الأهداف التي تم تحديدها مسبقا في مخطط عمل الحكومة، حيث تضمنت خمسة فصول أساسية تتمثل في “تعزيز دولة القانون وتجديد الحوكمة”، “من أجل تنمية إنعاش الاقتصاد وتجديده”، “من أجل تنمية بشرية وسياسة اجتماعية مدعمة”، “من أجل سياسة خارجية نشطة واستباقية”، إلى جانب “تعزيز الأمن والدفاع الوطنيين”.
ففي الشق المتعلق بـ “تعزيز دولة القانون وتجديد الحوكمة”، فقد عكفت الحكومة على استكمال مسار البناء المؤسساتي المقرر بموجب الدستور، مع وضع المؤسسات الرقابية والهيئات الاستشارية، على غرار المحكمة الدستورية، والسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، والمرصد الوطني للمجتمع المدني، والمجلس الأعلى للشباب، والأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات”، حسب ذات الوثيقة.
وتمت الإشارة كذلك إلى عصرنة العدالة وتعزيز استقلاليتها وتحسين نوعية الخدمة المقدمة، لاسيما من خلال إصدار القانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وكذا عصرنة أداء الإدارة العمومية وتحسينه، وتسهيل الإجراءات الإدارية وتبسيطها وتكثيف عمليات الرقمنة، بالإضافة إلى تكريس علاقة “تكاملية” بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتعديل القانون المتعلق بالوقاية من الفساد فضلا عن إطلاق 219 إنابة قضائية دولية لاسترداد الأموال الناجمة عن الفساد.
وبخصوص المحور المتعلق بـ”تعزيز الأمن والدفاع الوطنيين”، فقد تم إبراز مجهودات الجيش الوطني الشعبي، الذي عمل أمام ظرف جهوي ودولي مضطرب على تأمين الحدود والحفاظ على السلامة الترابية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتطوير الدفاع السيبراني وتطوير الصناعة العسكرية إلى جانب تعزيز علاقات التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف.
كما يسهر الجيش الوطني الشعبي، تشير الوثيقة الرسمية، على تسخير كافة الوسائل البشرية والمادية وتوفير كل الشروط لتطوير وتعزيز قدرات النظام الوطني للدفاع، وتعزيز أسس “الجزائر الجديدة”، من خلال دعمه ومرافقته للقوى الحية للبلاد، التي تكن للأمة الوفاء والولاء التام والمشاعر النبيلة، وذلك من أجل تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية.
وفيما يتعلق بمحور السياسة الخارجية، فقد اعتمدت الجزائر على سياسة خارجية “نشطة واستباقية”، من خلال تركيز تدخلها على الدفاع عن مصالح الأمة، والمساهمة في الأمن والاستقرار الإقليميين، وتعزيز العلاقات مع إفريقيا والعالم العربي، وتطوير الشراكة وتعزيز السلم في العالم، وإعادة نشر الدبلوماسية الاقتصادية في خدمة تنمية الوطن بالإضافة إلى تنظيم الجالية الوطنية بالخارج لاسيما من خلال وضع تنظيم هيكلي جديد للحركة الجمعوية بالخارج.