أخبار بلا حدود – لاحظت أن بعض الجزائريين لا يعلمون شيئا عن الابعاد التاريخية للنجمة الثمانية الجزائرية ففي تعليقاتهم على المنشورات السابقة وجدت تساؤلات عدة حولها حتى ان بعضهم ذهب بعيدا بتصنيفها رمزا ماسونيا وهذا ليس الا نابعا عن جهل يدعو للتأسف والحسرة..
وعليه، النجمة الثمانية التي تبناها المراكشيون كتيار لحركتهم البورية الخرافية -الحركة التي انشأت لمهاجمة الجزائر بالدرجة الاولى- هي في الأساس نجمة نوميدية قيصرية جزائرية تعود لحضارة ما قبل الميلاد تمت مركشتها تحت مسمى خرافة النجمة المراكشية المغربية.. بحث خفيف وعام في الموضوع النجمة الثمانية هي رمز كوكب الزهرة في علوم التنجيم والفلك القديمة، وهو الكوكب المشهور بأنه “نجمة الصباح”، أو “نجمة الصباح والمساء”، وذلك لشدة سطوعه فهو الأكثر لمعاناً في الليل،
وهو الوحيد من بين الأجرام الذي يُرى ساطعاً بالنهار ..وكوكب الزهرة هو رمز الأنوثة (⧬) في الديانات الوثنية القديمة، مقابل الشمس التي اعتبرت رمزاً للذكورة، ومنذ العصر السومري القديم (يبدأ نحو عام 2800 ق.م)، ارتبط كوكب الزهرة، كما القمر، بالآلهة “إنانا”، آلهة الخصوبة والجمال والحبّ، واستمر هذا الارتباط لاحقاً عند الأكاديين، ثم استخدم البابليون هذا الرمز للآلهة “عشتار”، المرتبطة بالمعاني ذاتها، وهو الارتباط الذي استمر عند الآشوريين، كما ظهر استخدام رمز النجمة الثمانية عند الفينيقيين والكنعانيين، الذين ارتبط عندهم بالآلهة “عشتروت”، نظيرة الآلهة “عشتار”،
وبذلك فإنّ النجمة الثمانية كانت رمزاً مرتبطاً بعالم الآلهة المؤنثة في ديانات الشرق الأدنى القديم ،، في حين ارتبطت النجمة الثمانية في حضارة الرومان، اليونان والبربر بالآلهة “ڥينوس” إله الحب والجمال وتقديس البنات، وجدت النجمة الثمانية القيصرية الجزائرية منذ ماقبل الميلاد في الجزائر القديمة -الحضارة النوميدية- وبرزت اكثر توضيحا في نقوش قصور شرشال العاصمة القيصرية للملك النوميدي يوبا الثاني كأقدم تواجد لها في شمال افريقيا عامة، فلا هي مرمورية ولا هي موراكشية بل جزائرية منذ ما قبل الميلاد والآثار تشهد.. وهنا صور من متحف شرشال للحضارة الجزائرية النوميدية “النجمة القيصرية الثمانية”،
لكن لنكون اكثر دقة فقد تعمد المراكشيون سرقة هذه النجمة التاريخية بسبب المرينيين الذين كانو يحكمون المغرب الاقصى والذين كانوا يتخذون منها شعارا في رايتهم فمن هم المرينيون؟ بنو مرين أو بنو عبد الحق قبائل حكمت المغرب الأقصى او مراكش من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر ميلادي، وينحدر المرينيون من بني واسين وهم فرع من قبيلة زناتة البربرية الشهيرة والتي يعود اصلها للجزائر، سكنت اقليم الزاب بسكرة بعد ان نزحوا إليه من أحواز تلمسان بسبب مزاحمة عرب بني هلال لهم في المغرب الاوسط او الجزائر، مارس بنو مرين الرعي والترحال فهم من البدو الرحل، غير أن الحرب التي نشبت بينهم وبين قبيلتي بني عبد الواد وبني واسين سنة601 هجريًا في المغرب الاوسط جعلتهم يرتحلون إلى هضاب المغرب والإستقرار بوادي ملوية الواقع بين المغرب الاوسط والاقصى والاستقرار هناك في ظل حكم دولة الموحدين -زمن الانهيار و الضعف-
والتي اسسها عبد المؤمن بن علي الكومي الزناتي الجزائري كان الخليفة المؤسس لدولة الموحدين ولد بمدينة هنين في تلمسان التي كانت تابعة لدولة الحماديين بجاية حاليا والذي اسس دولة مستقلة عن الحماديين في المغرب الاقصى انطلاقا من المغرب الاوسط (الجزائر) تلمسان تحديدا.. في عام 610 هجريًا الموافق لسنة 1213 ميلاديًا، استغلّ المرينيون، هزيمة الموحدين في معركة العُقاب أمام الممالك النصرانية الإسبانية، وتفتت كيان السلطة المركزية، فضلاً عن تفشي وباء الطاعون وهلاك الجند، وغياب الأمن في البلاد، فهجموا عليهم وألحقوا الهزيمة بجندهم، وشرعوا في التوسع في الريف والغرب، ووضعوا أنفسهم مؤقتًا تحت السلطة الأسمية للحفصيين، بعد أن دعا أهل مكناس عند فتحها إلى مبايعة الحفصيين في شرق المغرب الاوسط والادنى.
ومن تلك السنة إلى عام 668 هجريًا الموافق لسنة 1269 ميلاديًا، دارت بين المرينيين والموحدين حروب عدة انتهت بفوز المرينيين والقضاء على الدولة الموحدية في مراكش والجلوس مكانها، إلا أنهم اتخذوا من مدينة فاس عاصمة لهم، وكان أول سلطان لهم هو أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق الذي أعلن فك الارتباط عن الحفصيين الذين يعانون من الانقسام بين بجاية وقسنطينة والقيروان وكل قطب بسلطان،
وكالعادة كلامنا كله مدعم بالمصادر عكس من يمتلكون تخيلات تاريخية فيكذبون الكذبة ثم يصدقونها، من كتاب تاريخ إفريقيا الشمالية للمؤرخ شارل أندري جوليان الفرنسي عن أصول بني مرين أي العائلة الحاكمة للدولة المرينية الممتد حكمها من 1244م الى سنة 1465م التي حكِمت من طرف 28 حاكم مريني، والتي سقطت إثر عوامل عدة أبرزها حروبهم مع بنو عبد الواد (الدولة الزيانية) الجزائرية هي الاخرى والتي كانت تحكم الجزائر انذاك و تقلص الوجود المريني في الاندلس وأهمها سقوط سبتة التي اصبحت تحت سيطرة البرتغال حينها إلى تأسيس الدولة الوطاسية..
المرينيين مثل أبناء عمومتهم الزيانيين والوطاسيين، جميعهم ينحدرون من منطقة الزاب الجزائرية (نواحي بسكرة)، هاجروا في فترات متقاربة نحو الغرب الجزائري، ومنهم من إستقر بالغرب الجزائري (الزيانيين والمغراويين) ومنهم من دخل نطاق المغرب الأقصى وأقاموا هناك دول وإمارات (المرينيين والوطاسيين) ليبسطوا نفوذهم تماما على بلاد مراكش لعقود..
ممتاز! مقال تاريخي بالمعلومات الدقيقة لتكذيب اي مغالطات موريشية مروكية و لتثقيف الجزائريين و الشباب خاصة