أخبار بلا حدود – قالت مجلة ‘‘لوبوان’’ الفرنسية، إن قرار إسبانيا دعم اقتراح الرباط المتعلق بالحكم الذاتي للصحراء الغربية، يعيد خلط الأوراق وينضم إلى حركة الاعتراف المزعوم بمغربية الصحراء التي أطلقتها الولايات المتحدة في ديسمبر من عام 2020. مما يثير حفيظة الجزائر.
وأعلنت الأمم المتحدة رفضها إعلان حكومة إسبانيا عن دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية كحلّ للنزاع حول الصحراء الغربية.
ورأت المجلة الفرنسية أن هذا الاعلان الإسباني يشكل تطوراً في موقف مدريد من قضية الصحراء الغربية، محور الخلاف الرئيسي في شمال إفريقيا بين المغرب والجزائر، ولن تكون هذه الرسالة الموجهة إلى المملكة المغربية بدون عواقب على الصعيدين الجيوسياسي والجيواقتصادي لمنطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط.
وتقول المجلة الفرنسية، أن الرباط بهذه الخطوة الإسبانية تسجل ضربة دبلوماسية كبيرة من خلال حشد المستعمر الإسباني السابق لقضيتها، بعد عام واحد من الاعتراف الأمريكي بـ“مغربية” الصحراء.
واعتبرت “لوبوان” أنه بالنسبة لإسبانيا، فإن الرهانات هائلة. فالمغرب ليس فقط أول شريك تجاري إفريقي لها وشريكها الاقتصادي الثالث خارج الاتحاد الأوروبي، ولكنه أيضا الشريك المميز في العديد من القضايا، مثل مكافحة الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة ومكافحة الجريمة المنظمة.
تشمل هذه الشراكة 16 مليار يورو في التجارة، وتتعلق بـ17 ألف شركة إسبانية منها 700 مؤسسة على التراب المغربي. بالإضافة إلى ذلك، زادت الصادرات الإسبانية إلى المغرب بين عامي 2020 و2021 بنسبة 29%. وعلى صعيد آخر، يعيش ما لا يقل عن 800 ألف مغربي في إسبانيا.
على الجانب المغربي، فإن موقف إسبانيا الجديد والتزاماتها “موضع تقدير كبير” من قبل الدبلوماسية المغربية. فشروط الرسالة الإسبانية تجعل من الممكن تصور خارطة طريق واضحة وطموحة من أجل وضع الشراكة الثنائية على أساس دائم في إطار القواعد والمعايير الجديدة، التي تم التأكيد عليها في الخطاب الملكي في 20 أوت الماضي، وفق بيان وزارة الخارجية المغربية، الذي أشار إلى دعوة الملك محمد السادس الصيف الماضي لتدشين “مرحلة غير مسبوقة” في العلاقات بين المملكتين “تقوم على الثقة والشفافية والمراعاة المتبادلة واحترام الالتزامات”.
من خلال هذا الخطاب، أراد العاهل المغربي أن ينطلق مرة أخرى على أسس جديدة في هذا الموضوع، بعد أشهر قليلة من اندلاع الأزمة الثنائية مع إسبانيا في 18 أبريل الماضي، بعد دخول إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، سرّاً إلى أحد المستشفيات في إسبانيا، تقول المجلة الفرنسية.
على الجانب الجزائري، لم يتأخر رد الفعل بعد الاصطفاف الإسباني للموقف المغربي، حيث استدعت الجزائر سفيرها في مدريد، مما يدل على سخطها على إسبانيا.
وتقول لوبوان، أنه وعلى الرغم من أن الجزائر تنفي رسميا أن تكون طرفا معنيا في الصراع الصحراوي، فإن استدعاء سفيرها يؤكد -بحسب المجلة الفرنسية- الموقف الذي تدعمه المغرب دائما، وهو أن الجزائر يجب أن تشارك في المفاوضات مباشرة لحل النزاع.
والجمعة، أعلنت الحكومة الإسبانية تغييرا جذريا في موقفها المتعلق بقضية الصحراء الغربية من خلال دعمها موقف الرباط علنا وللمرة الأولى، لتنهي بذلك خلافا دبلوماسيا كبيرا بين البلدين.
وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أمام الصحافيين في برشلونة “تعتبر إسبانيا أن مبادرة الحكم الذاتي المقدمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع” بين الرباط وجبهة بوليساريو.
وأكد ألباريس بذلك حرفيا رسالة من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز سبق أن كشف فحواها الديوان الملكي المغربي.
وجاء في بيان للحكومة الإسبانية “ندخل اليوم مرحلة جديدة في علاقتنا مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل، واحترام الاتفاقات، وغياب الإجراءات الأحادية، والشفافية والتواصل الدائم”.
والسبت، أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد، على خلفية القرار الإسباني الجديد الذي وصفته بـ”انقلاب مفاجئ”.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أن السلطات الجزائرية “استغربت الانقلاب المفاجئ والتحول في موقف السلطة الإدارية السابقة بالصحراء الغربية، وعليه قررت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد فورا للتشاور”.
والأحد، أصدرت الناطقة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل رودريغيز، أول تعليق بخصوص عواقب الموقف الإسباني الجديد على العلاقات بين مدريد والجزائر.
وقالت المسؤولة الإسبانية في ندوة صحفية، إن علاقة بلادها ستبقى قوية مع الجزائر، باعتبارها شريكا “استراتيجيا وموثوقا”. على الرغم من تغيّر موقف مدريد بشأن قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.