أخبار بلا حدود- يمثل مشروع قانون المالية لعام 2025 في الجزائر خطوة هامة نحو تعزيز النمو الاقتصادي وتطوير القطاعات الحيوية، كما أنه يهدف إلى مواكبة التطورات الحديثة في الاقتصاد الرقمي والصناعات المبتكرة.
المشروع يتضمن العديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تستهدف تحسين المناخ الاستثماري وتحقيق الشمول المالي.
- تحفيز الابتكار والبحث والتطوير:
أحد أبرز المحاور التي تضمنها مشروع القانون هو التعديلات الخاصة بالنفقات المدفوعة في إطار البحث والتطوير داخل المؤسسات.
حيث تمت زيادة التخفيض الممنوح لهذه النفقات لتحديد الربح الخاضع للضريبة من 10% إلى 30%، مع رفع السقف المسموح به من 1 مليون دينار جزائري إلى 2 مليون دينار.
يشمل هذا التعديل أيضاً البرامج المشتركة مع الشركات الناشئة وحاضنات الأعمال، مما يعزز الابتكار ويدعم الشركات الناشئة للاندماج في السوق.
- الإعفاءات الضريبية والتحفيزات للشركات الناشئة:
يولي مشروع القانون اهتماماً خاصاً لدعم الشركات الناشئة وحاضنات الأعمال.
من بين التحفيزات المقدمة، يتم إعفاء هذه الشركات من رسوم نقل الملكية عند اقتناء العقارات بهدف إنشاء نشاطات صناعية، بما يتماشى مع توجيهات الرئيس الداعمة لهذه المؤسسات.
إضافة إلى ذلك، تُعفى الشركات التي تحمل علامة “مشروع مبتكر” من حقوق التسجيل، على غرار المشاريع المدعومة من قبل وكالتي ANADE و ANGEM.
- الإصلاحات الضريبية: الضريبة الجزافية والشركات:
توسع مشروع قانون المالية لسنة 2025 في قائمة الأنشطة المستثناة من الخضوع للضريبة الجزافية الوحيدة، وهي الضريبة التي تطبق على الأنشطة التي تحقق رقم أعمال أقل من 8 ملايين دينار جزائري.
هذه الأنشطة المستثناة ستخضع لنظام الربح الحقيقي، مما يسمح بزيادة الشفافية والعدالة الضريبية.
كما تم رفع المبلغ الأدنى للضريبة الجزافية إلى 30,000 دينار لكل الأنشطة، مع استثناء المقاولين الذاتيين الذين سيستمرون بدفع 10,000 دينار سنوياً.
- الصكوك السيادية: تمويل المشاريع العامة:
في إطار تمويل المشاريع العامة، أجاز مشروع القانون للخزينة العمومية إصدار سندات تسمى “الصكوك السيادية”، وهي أداة مالية تستند إلى أصول الدولة وتوجه للأفراد والمؤسسات لتمويل المنشآت والتجهيزات العمومية.
حاملو هذه الصكوك سيتمتعون بإعفاءات ضريبية لمدة خمس سنوات من الضرائب على الدخل الإجمالي وأرباح الشركات، بالإضافة إلى الإعفاء من رسوم التسجيل والإشهار العقاري.
- التوسع في النظام الرقمي: الجمارك والبنوك:
تستمر الحكومة في دفع عجلة التحول الرقمي من خلال إدراج عدة تعديلات تهدف إلى تعزيز الرقمنة في عمليات الجمارك.
ستتم جميع عمليات الجمركة عبر الإنترنت، مما سيؤدي إلى تسريع الإجراءات وتقليل التكاليف المرتبطة بالتخليص الجمركي.
بالإضافة إلى ذلك، يدعم القانون الجديد توسيع نظام الدفع الإلكتروني، حيث ستحصل البنوك التجارية وبريد الجزائر على تخفيضات ضريبية تعادل العمولات المدفوعة في إطار التعاملات الإلكترونية.
هذا الإجراء يأتي لتعزيز الشمول المالي وتشجيع أكبر شريحة من المجتمع على استخدام وسائل الدفع الرقمية.
- التعديلات في قانون القسيمة الضريبية للسيارات:
من ضمن التعديلات التي أثارت اهتمام المواطنين، زيادة في مبلغ قسيمة السيارات التي تمتلك قوة محرك 10 أحصنة بخارية أو أكثر.
وعلى الرغم من أن هذه القسائم يمكن شراؤها عن بُعد، إلا أنه لا يعفي هذا من إظهار القسيمة على الزجاج الأمامي للسيارة.
هذا التعديل يعكس التوجه نحو تبسيط الإجراءات وتطوير النظام الضريبي.
- توسيع الإعفاءات الضريبية لولايات الجنوب:
حرصاً على تشجيع الاستثمار في ولايات الجنوب الكبير، تم تمديد مدة الإعفاء الضريبي للأنشطة الاقتصادية في هذه الولايات.
حيث تستفيد هذه الأنشطة من تخفيض قدره 50% على ضريبة الدخل الإجمالي وضريبة أرباح الشركات لمدة خمس سنوات، ابتداءً من 1 يناير 2025.
هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية في المناطق النائية وتحفيز المستثمرين على استغلال الموارد المتاحة في تلك الولايات.
- دعم الأوقاف وتفعيل الدفع الإلكتروني:
من بين الإجراءات الأخرى الهامة، الإعفاء التام للأملاك الوقفية من الضرائب والرسوم، وذلك في خطوة لتشجيع الوقف على القيام بمهامه الاجتماعية.
كما تم إدراج إجبارية استخدام وسائل الدفع غير النقدية في عدة معاملات مالية اعتباراً من عام 2025، مثل شراء العقارات والسيارات الفارهة والتأمينات الإجبارية.
هذه الخطوة تأتي كجزء من مساعي الحكومة لتعزيز استخدام الدفع الإلكتروني تدريجياً في المجتمع.
- التحديات المالية: الإيرادات والنفقات المتوقعة:
على الرغم من كل هذه الإصلاحات، لا يمكن تجاهل التحديات المالية التي تواجه الحكومة.
مشروع قانون المالية يتوقع عجزاً كبيراً في الميزانية يصل إلى 8,271.6 مليار دينار (ما يعادل 62 مليار دولار).
هذا العجز يطرح العديد من التساؤلات حول مصادر تمويله، خاصة في ظل ارتفاع النفقات إلى 16,794.6 مليار دينار (حوالي 126 مليار دولار)، وهو رقم غير مسبوق.
- الطريق إلى المستقبل:
يمثل مشروع قانون المالية لسنة 2025 خطوة هامة نحو تحسين الوضع الاقتصادي في الجزائر.
من خلال دعم الابتكار والشركات الناشئة، وتعزيز الشمول المالي، وتحديث النظام الضريبي والجمركي، تسعى الحكومة إلى خلق بيئة استثمارية جاذبة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية مواجهة العجز الكبير في الميزانية، وضمان استدامة هذه الإصلاحات على المدى البعيد.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.