سميرة بيطام: هل أعدموا فينا الضمير؟

سميرة بيطام
 

أخبار بلا حدود- ويمضي عام على الحرب على غزة المغوارة، يمكن السؤال للأمة مباشرة عن حكاية يعرب في قمة العطش الغزاوي لم تشبع ضمئه ، كم صار عمرك اليوم في قمة الحصار لغزة الجريحة ؟.

تعبت القلوب وهي تشاهد صور الأسى والقصف والدماء، الأحداث تتسارع وتتسع من غزة الى لبنان ولا يفعل يعرب شيئا يكفر عنهم تخاذلهم وتواطؤهم وسكوتهم على نصرة المظلومين والمقهورين، وهم بصدد الدفاع عن مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

هل كتب القدر على غزة أن تتحدى كل هذا الظلم لوحدها وشعوب نزيهة شريفة تراقب عن بعد؟، حتى شاع في يعرب حب الفضول والكفاية عن مد اليد لرفع الغبن بقوة وبسالة ونصرة بذريعة أن العين بصيرة اليد قصيرة؟.

من هي غزة في تساؤل بسيط للضمائر التي بدأنا نشك أنها على قيد الحياة؟ .

غزة هي أرض صغيرة في المساحة ، قليلة العدة والعتاد، يسكنها شعب صبور محتسب مناضل باسل ومقاوم الى أبعد حد من التصور.

ماذا عنا نحن العرب؟.

نحن يعرب في خريطة تعج بالسكان والتنافس فيما بينها من أجل اخذ لواء القومية ربما أو من أجل البقاء على قيد الحياة ومن دون خسائر ، لدرجة أن صار لدينا اعتياد للمشهد فأصبح عادة مألوفة ، وتلاه تصور الاكتفاء بالتنديد أنه سيادة، وأي سيادة والجيوش العربية قابعة لا تتحرك ، في الوقت الذي تسقط فيه قوافل الشهداء في غزة بلا توقف.

متى تتحرك الجيوش ومتى يتحرك الضمير الحقيقي؟، لا نقصد ضمير الانسان في المسؤولية، لأن كل همه أن يحافظ على المنصب فلا يتفوه بكلمة تنديد ولا يسجل موقف تشريف، نحن نتكلم عن ضمير الأحرار والشرفاء ، من ألفوا استنكار صور الموت والظلم ورفعوا لواء والحرية وقول الحق بلا خوف ولا تراجع في قلوبهم وحناجرهم وبين أسطر صفحاتهم .

نستطيع القول أن غزة كشفت تقسيم الشعوب الى مؤيد ومنتفض ومنتظر للفرصة لرد الصاع صاعين، شعوب غاضبة سائرة في الشوارع تندد وترفض قطعا ما يحدث في غزة ، لكن هذا ليس كافيا ، لأن شعب غزة يحتاج للأكل والدواء والماء النظيف وإعادة الاعمار قبل انتشار الأوبئة والأمراض، ثم السنة غير مطبقة في المسلمين حين يتألم عضو من جسد يتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فأين هي نزاهة الضمير؟ أين هو تشريف الأمة لمقاومة الغزاويين؟ .

قلنا عام مضى ودار لقمان على حالها ، لا مجلس الأمن شفع في المآسي ولا جامعة الدول العربية وحدت الموقف والتصرف بين العرب.

ألهذا يخاف العرب من نصرة غزة؟ ثم مما الحوف ، ان كان من الموت، فالضمير اذا معدوم من الآن، لأن الموت حق، فلما هذا الخذلان والجبن والتولي عن الزحف؟.

كم بقي في تعداد شعب غزة الآن ؟ والقوافل ترحل لربها كل ساعة، هل حسب العرب ثواني الألم والدمع والجوع؟، هل فكر العرب في مستقبل جيل من الأطفال ميتم ومشرد وخائف وخائر القوى؟.

لذلك ، نتحسس الضمائر من المواقف ونجس نبض الحياة فيها مما يُقدم لغزة من مساعدات ، وحين نتأمل سقوط تلك المساعدات من السماء والأرض أولى بأن تمرر فوقها نتأسف لهذا السلوك الذي يوضح العجز والخوف والتردد أن تُؤخذ غزة بالعناية اللازمة والمحترمة والتي تليق بها كونها عنوان الرباط .

واذا عدنا لتعداد الاجتماعات على مستوى مجلس الأمن رفضا للعدوان ومطالبة بوقفه في أقرب فرصة، كم عددها ؟ وما هي النتائج أو التوصيات أو المخرجات التي توصلت اليها الدول العربية والمسلمة؟ .

حتما نتائجها محتشمة وأكيد لم تشفع في بكاء الأطفال وصبر الأيامى، فيا أمة لا زالت تقارع أن تبقى ثابتة في غنيمة المناصب والأبهة ولمعان كراسيها نقول لها:

أما حان الوقت لأن تتفحصي ضمائرك لتتأكدي أنه لم يتم اعدامها ؟، من خلفية نخوة العروبة والإسلام نخاطب أمة رفعت لواء الإسلام صلاة وصياما وزكاة وخلفت ركن الجهاد لاعتبارات صارت أكثر من معبرة عن خوف وجبن من الموت، وما قيمة الموت على فراش الهدوء ان تجلى الموت في مسارح الجهاد وساما وفخرا.

أما حان الوقت لنقول كفى لهذا الخذلان الذي فاحت رائحته أرجاء الدول العربية والإسلامية، والله عيب أن تتقبل الشعوب وضعا كهذا وغزة تقدم شهدائها حماية للقدس التي يحلم بها المسلون الصلاة فيها بذريعة انشغالهم بأعمالهم وأولادهم وذويهم، ومن ماتوا في غزة هل كانوا منشغلين بأولادهم ونسائهم وتجارتهم؟، لم ينشغلوا ولم يتوانوا في التقدم للصفوف الأولى لأنهم اختاروا تجارة مع الله لن تبور والبوار لأمة ضعيفة ومريضة ، وأي مرض، انه الجبن والنفاق ومسايرة الأحداث ببعض التنديدات ، ثم الى متى هذه التنديدات ؟، أعطوا للشعوب نفسا جديدا يتحررون به من بوتقة الخوف والتقييد، الشعوب تريد مساعدة غزة ، وتريد نصرة الحق هناك، لأن ما يوجد في فلسطين أغلى بكثير من ضمائر ربما هي الآن في حالة اعدام شبه كلي.

في الوقت الذي نقول هذا الكلام تتشجع الجزائر وتبادر ولا تتأخر ، وتسعى ولا تتخلف ، في الوقت الذي يكتفي فيه الغير بالصمت أحيانا وبذر الرماد أحايين أخرى، تتقدم الجزائر باقتراحات ولو لوقف النار لإدخال المساعدات لإخواننا في غزة، وانه لشرف يزيدنا يقينا أننا ننتمي لأمة جزء منها لا يزال حيا وينبض حبا لفلسطين بمواقف ثابتة حتى لو بدت هذه المواقف بسيطة ولا تشبع جيدا من جوع لكن يكفي أنها مباردة ، ونأمل خيرا في مصر كونها البوابة للانعتاق من الحصار.

وحتى لا يُعدم الضمير العربي والإسلامي نهائيا ، عليه أن يقوم بنفس الشيء حتى تتوسع دائرة الاحتواء لهموم غزة أرضا وشعبا وديورا ومزارع وبيوتا، غزة اكتفت الآن بالاحتساب والصبر ، ولم نعد نسمع من شعبها يطلب المساعدة لأنه يئس من أمة تنتفض في مباريات كرة القدم وتبجل الأبطال الرياضيين ولا تنتفض لأعراض المرابطين والمقاومين والثابتين على نصرة الحق.
فأي أمة نتشجع لنكتب المزيد عنها ، والجزء الأكبر منها جريح ومقاتل بدمائه وهو أعزل، وإلى أن يحيا الضمير مجددا ، نتمنى استفاقة سريعة قبل فوات الأوان وقبل انتشار سرطان الحرب فتتوجع الأمة في جزئها المتبقي وقد لا تجد لها ناصرا، وسط تكالب الأمم الأخرى لما يخدم أجنداتها ومصالحها الاستراتيجية.

الأستاذة: سميرة بيطام

حقوق النشر :

إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.

نموذج الإتصال

أية استفسارات أو نقاشات يرجى طرحها أسفله في خانة التعليقات و المناقشات.

شاهد أيضاً

سميرة بيطام

سميرة بيطام: النفاق لن يحقق العدل

أخبار بلا حدود- ويشتد الصراع العالمي على أكفه ، وتبلغ صيحات الثكالي والمظلومين الى ربها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!