سميرة بيطام: النفاق لن يحقق العدل

سميرة بيطام
 

أخبار بلا حدود- ويشتد الصراع العالمي على أكفه ، وتبلغ صيحات الثكالي والمظلومين الى ربها بمدى البعد بين السماء والأرض، تمتزج الرغبات والطموحات وتختلف وجهات النظر وتتباين بين العامة وحتى لدى الخاصة ، هذه الخاصة التي أراها فئة قليلة ملتزمة بمواقفها ومبادئها وقيمها تجاه القضايا العادلة ،سواء كانت قضايا تخص أمم أو أشخاص، انه آخر الزمان الذي يحمل بين دفات أحداثه العديد من الوقائع والقضايا الأخرى التي تبقى طي الكتمان واللانصاف..والعلم لله عن الأسباب والدوافع.

قلت العالم اليوم بات على صفيح ساخن من اشتداد الصراع والنزاعات فيما بين الدول ، مرئي بعضها وبعضها خفي ، ويتفاعل الناس معها بمتابعة يومية أو لحظية ان صح الزمان وكان متاحا لذلك، والبعض الآخر من الناس لا يولي اهتماما لما يحدث، ربما لأنهم يعرفون مسبقا نتائج الأمور أو أنهم اقتنعوا أن التغيير الحقيقي لم يتحقق بعد وهو صعب التجسيد على أرض الواقع.

ربما وعلى مدى سنوات يكون العاقل قد لاحظ أن شعوب الأمة العربية فيها خصلة اتباع ما يقال لها ويوضح لها من مسار يجب تأييده والتصفيق له ، رغم أنه لا يحمل تغييرا عميقا وجذريا من أجل تحقيق العدل المنشود بكامل قواعده وأسسه الصحيحة ، سواء قضاة او محامين أو محاكم منضبطة ومنصفة لمطالب المهمشين والمتعسف في حقهم وما أكثرهم في مختلف القطاعات الحاملة للواء الدولة الجزائرية التي باتت اليوم على أعلى مستوى من التأهب لخوض غمار الند بالند كدرس تعطيه لمن يريد النيل من ثوابتها ، أمة قررت وانطلقت ولا يهمها في ذلك النتائج بل مبدأها الوحيد هو القصاص لدم الشهداء البواسل.

لكن ، وبالنظر الى حياتنا اليومية كمواطنين قبل أن نكون نخبة لها من المسؤولية ما ستسأل عنه يوم القيامة وليس أمام البشر مهما اختلفت مواقعهم ومراتبهم ، الا أن ثمة خروقات وتجاوزات وتسويفات وامهال وتجاهل للأصوات النزيهة التي عانت مرارة الظلم بأنواعه، فكتبت ونددت ورافعت من أجل الانصاف ،ولكن لا من مجيب ، من جهة دولة قررت أن تقوم لها قائمة ولم تخف عواقب الصراع ،ومن جهة أبناء هذه الأمة لم يُنصفوا بعد ، ربما لم يحن بعد وقتهم أو ربما ليسوا مهمين كثيرا بالنظر الى الصراع القائم حاليا مع مختلف أعداء الأمة، دعني أقول أعداء ان كانوا يحملون نوايا سيئة للبلد، لكن لماذا تأجيل القضايا العادلة في المحاكم وامهالها الى حين؟ ، أليست الجبهة الداخلية بحاجة الى قوة ومتانة وعدالة اجتماعية ترضي الجميع بلا تفضيل أو ميل الى كفة شخص لوزنه الاجتماعي أو لماله الكثير أو لنفوذه النافذ أو لسلطانه الزائل أمام سلطان القوي المتين الذي لا يزول؟.

حقيقة هناك اختلال في الميزان بين الداخل والخارج، وان كان البعض من المسؤولين أو حتى المستفيدين من المزايا لا يتكلمون ولا يقولون كلمة حق، فهذا لأنهم مستفيدون بالدرجة الأولى ولا يشتكون تعسفا أو حقرة بالعامية كما نقول، كما نتابع تقديم شخصيات للإعلام لتقول كلاما ترضى له عقول المواطنين البسطاء ، وهاته النخبة التي تقدم للاعلام البعض نعرفه جيدا والبعض لا نعرفه ، ونتحفظ لبعض الأمور، ولكن نقول كلمتنا عن المواضيع التي يقدمونها وتزكيتهم لبعض الأشخاص التي يعول عليها المجتمع الجزائري أن تقدم شيئا للأمة متمثلة في اقتصاد قويا ومجتمع متماسك وبنية تحتية عادلة ، ضعيفة في نسبة الجريمة والخصومات، ولكن الواقع يقول عكس ذلك، عكس ما ينشرونه من شروحات قانونية وفتاوى على الهواء لمن لهم قضايا ولم يفهموا حلولها، أليس حريا أن يقدم الاعلام شخصيات لها ماض نظيف ومسيرة حافلة بالصبر قبل الإنجاز ،لأن بعض العثرات والعراقيل التي صادفت النخبة الكفأة في الجزائر كانت بفعل فاعل وصنعت منهم جيلا يتمسك بحقه اكثر من أي وقت مضى و يستمر في الإنجاز لأن له قيم وثوابت لا يمكنه التنازل أو التخلي عنها تحت أي طائلة من الضغوطات أو المشاكل ، ولسنا نتكلم من فراغ بل بأدلة مشخصة لا تهم الغير بقدر ما تهم من ينتظرون الله أن يفرج عليهم بعد أن يئسوا من التجاهل وعدم المبالاة بهم، ربما لأن فيهم الخير وربما لأنهم شعلة حارقة للجهل والرداءة والكسل والنفاق، وما أكثره النفاق اليوم ، وكأنه جيش عتيد غليظ المغالطات ينخر مجتمع أمتنا ، ليس الجزائر فقط ، بل ربوع الأقطار العربية ، لتصبح الأمة مريضة بفساد القيم لمسؤوليها وحكامها ومراوغة المضللين الذين هم مشبعون بالمدح والثناء على أساس حصولهم على مكانة اجتماعية بسبب ما يقدمونه من برامج وحصص ، ظانين أن ذاك النشاط هو من سيقوي الجبهة الداخلية، في حين أن العدالة الاجتماعية هي من سيقويها وهي اليوم لم تبنى بعد على مقاس مشروع أولي للأمة ، ليسترجع الناس ثقتهم في من يتولى أمرهم.

لست أعاتب مسمى بشخصه ، ولكنها ملاحظاتي العابرة ككل مرة على واقع جزائري يبحث له عن التغيير الحقيقي، وربما يوجه لي سؤال: ولكن الجزائر بدأت في التغيير بعد أن انطلق قطارها، وأجيب : ان قطارها انطلق ولكن لم يركبه المظلومين والمهمشين والمتعسف في حقهم تحت غطاء تطبيق القانون وهو في الحقيقة تطبيق ثغرات قانونية أمالت الكفة للظالم فاعتقد أنه ما اتخذه من قرارات وإجراءات هي صحيحة، وما يقوي صحة اعتقاده ذلك الولاء الذي يتلقاه والدعم الذي يقدم له من شخصيات نافذة في مواقع أعلى مرتبة من هياكل المستشفيات أو الجامعات أو حتى المدارس التربوية، ، خاصة أولئك الذين فقدوا مناصبهم أو حقوقهم المشروعة بصفة عامة ولم ترجع لهم نكاية في صمودهم المسالم وكفاحهم المستمر بضوابط الاحترام والأخلاق وبلا مجاهرة بالظلم ومن تسبب فيه.

يمكنني القول أن النفاق الذي تطبل له شخصيات بما تحمله عقولها من أفكار وتهدف اليه مشاريعها الخاصة بها فقط ، في الحقيقة لن يبني العدل ولن يحق الحق كما أمرنا الله عز وجل بإنصاف المظلوم ورفع الغبن عنه وانعاش قلوب المستضعفين بالطمأنينة بالاهتمام ورد الاعتبار لهم بملازمة تطبيق شرع الله أولا والذي حرم الظلم على نفسه وحرمه على عباده ثم بتطبيق القانون على الجميع .

ما يمكن قوله بصوت مرتفع :

تنزهوا من النفاق يرحمكم الله ، فالقادم لن يكون محملا بالورود كما اعتاده المنافقون ، بل هو واقع عدل وحق بأمر من الله عز وجل، فهلا توقفتم قليلا عن الكلام الذي لا يتجاوز حدود الأذن فلا يترك البصمة المطلوبة من اشباع العطش من الحقرة والتهميش والظلم بصفة عامة؟، حاولوا أن تتنزهوا من عوالق الرياء والتباهي ومحاولة الظهور من أجل الظهور فقط ، أمام حقوق الناس فمجرد غطاء لديباجة محاولة الاقناع أن العدل سائد في جزائر انطلق قطارها ولن يوقفه أحد، فاذا كان هذا القطار ترك ورائه ناس مظلومين بلا انصاف ،فأعتقد أن الله سيوقفه بحكمته ليسود العدل والسلام والأمان، فهل من متدبر؟.

الأستاذة: سميرة بيطام

حقوق النشر :

إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.

نموذج الإتصال

أية استفسارات أو نقاشات يرجى طرحها أسفله في خانة التعليقات و المناقشات.

شاهد أيضاً

سميرة بيطام

سميرة بيطام: مغالطات يجب أن تُصحح

أخبار بلا حدود- نصبح ونمسي على مضمون استراتيجيات صغيرة المدى أو واسعة الآفاق ، تحمل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!