أخبار بلا حدود- فارق وزير الدفاع الجزائري السابق، اللواء خالد نزار، الحياة عن عمر ناهز الثمانية وثمانين عامًا، وذلك وفقًا لإعلان نشره موقع “ألجيري باتريوتيك” المملوك لنجله. يُظهر الراحل نزار كشخصية جدلية في الساحة الجزائرية، حيث تتجاوز آراء الناس حوله الانقسام الشديد، نظرًا للدور الحاسم الذي لعبه في فترات تاريخية مهمة، خاصة خلال سنوات الأزمة الأمنية في بداية التسعينات.
لم يكن القدر لنزار أن يفارق الحياة إلا في نفس اليوم الذي كانت المحكمة السويسرية تستعد لتحديد تاريخ محاكمته بتهم جرائم الحرب، ضمن فترة التسعينات في الجزائر. جاءت أخبار الوفاة عبر بيان منشور بسرعة على موقع “ألجيري باتريوتيك”، جاء فيه: “يؤسفنا أن نعلن وفاة المجاهد خالد نزار عن عمر يناهز 86 سنة. ندعو الله أن يسكنه فسيح جناته”.
خرج نزار إلى الحياة في قرية سريانة بولاية باتنة في عام 1937، وشهد مسارًا حافلًا بتجارب الثورة الجزائرية، حيث انضم إليها بعد هروبه من صفوف الجيش الفرنسي. وبعد الاستقلال، أصبح أحد أبرز الشخصيات العسكرية في البلاد.
في العام 1982، تولى نزار قيادة المنطقة العسكرية الخامسة في قسنطينة، ومن ثم عُين قائدًا للقوات البرية ونائبًا لرئيس أركان الجيش. أما في عام 1990، عيّنه الرئيس الجزائري شاذلي بن جديد وزيرًا للدفاع، حيث شهدت تلك الفترة انتعاشًا للإسلاميين.
لكن الفصل الأبرز في تاريخه جاء خلال الأحداث التي عرفت باسم “انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 1988″، حيث كلفته السلطات بمهمة إعادة النظام بعد احتجاجات الجزائريين. وفي يوليو 1990، تسلم منصب وزير الدفاع، وظل في المنصب حتى يوليو 1993.
المزيد من الجدل أثير حول نزار في الأونة الأخيرة، حين قررت السلطات السويسرية متابعته بتهم جرائم الحرب في الفترة التي اندلعت فيها أزمات الأمن في الجزائر، وتم تحديد موعد المحاكمة في يونيو المقبل. يُشير الادعاء السويسري إلى أن نزار كان وزيرًا للدفاع وعضوًا في المجلس الأعلى للدولة، وقاد هياكل لقمع المعارضة الإسلامية، وتوريطه في جرائم حرب واضطهاد مدنيين.
قد أثارت هذه القضية استياءًا شديدًا في السلطات الجزائرية، التي انتقدت تعامل السويسريين مع هذا الملف. وكانت اللغة التي استخدمها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في اتصال هاتفي مع نظيره السويسري إينياسيو كاسيس في أغسطس الماضي، تعكس بوضوح غضب الحكومة الجزائرية.
واللافت أن دفاع السلطات الجزائرية عن نزار جاء بعد فترة عانى فيها وزير الدفاع السابق من متاعب جمة مع القضاء العسكري الجزائري الذي قرر متابعته في فترة الحراك الشعبي سنة 2019 بتهم “المساس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية” و”التآمر ضد سلطة الدولة”. واضطر الرجل لمغادرة البلاد خوفا من الاعتقال، مطلقا سلسلة تغريدات نارية ضد رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح، قبل أن يصدر في حقه بعد ذلك حكم غيابي بـ20 سنة سجنا نافذا.
لكن الرجل القوي في النظام سابقا عاد للبلاد بشكل مثير للجدل في كانون الأول/ديسمبر 2020 مستفيدا من إلغاء الأحكام القضائية الصادرة بحقه. وفي آب/أغسطس 2022 ، أعاد الرئيس عبد المجيد تبون الاعتبار للواء المتقاعد خالد نزار، حيث قام بتكريمه ضمن جملة من كبار القادة العسكريين الذين دخلوا السجن في فترة رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح، وتوبعوا بتهم خطيرة تتعلق بإضعاف معنويات الجيش والتآمر على سلطة الدولة والجيش.
وعرف عن الرجل رغم الانتقاد الشديد المستمر منذ نحو 40 سنة، الخيارات التي اتخذها عندما كان أقوى شخص في السلطة بعد استقالة الشاذلي بن جديد، ووضع عدة مؤلفات وأجرى حوارات صحافية تدافع عن نظرته في منع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة ومشروعهم الذي كان يهدف حسبه لأفغنة الجزائر، ويؤيده في ذلك فصيل سياسي جزائري يعتبرونه “منقذ الجمهورية”، لكن خصومه يتهمونه في المقابل بالمسؤولية السياسية عن تفاقم الأزمة الأمنية التي لم تخرج منها البلاد إلا في بداية سنوات الألفين.