تهم خطيرة.. الرئيس التونسي قيس سعيّد يعزل 57 قاضيا

تهم خطيرة.. الرئيس التونسي قيس سعيّد يعزل 57 قاضيا

وجّه الرئيس التونسي قيس سعيّد، ضمن قرار عزل 57 قاضيا، تهما خطيرة لأولئك القضاة تتعلق بـ«الفساد والتستر على متهمين في قضايا إرهاب».

يأتي القرار في ظلّ تصاعد الاستقطاب السياسي الحاد بين الرئيس، الذي يتابع تركيز جميع السلطات في يديه، وبين أغلب القوى السياسية في البلاد، التي بلورت عملها، مؤخرا، بالإعلان الرسمي عن ظهور «جبهة الخلاص الوطني».

فحوى القرار واضح، ولا يتعلق فقط بالتخلّص من القضاة الذين لا يستجيبون لقرارات الرئيس، بل بإنهاء استقلالية القضاء، من جهة، وإعلان الرئيس قاضيا أوحد، من جهة أخرى، وكذلك إرهاب أي قاض آخر، لم يعزل بعد، من أي بوادر تدل على تمسكه باستقلال القضاء.

غير أن الرئيس التونسي، في الحالة الآنفة، وقد نصّب نفسه قاضيا، لا يلتزم بإجراءات القضاء المتعارف عليها لحفظ أولويات العدالة البسيطة (من الإخبار والاتهام وتعيين محامي الادعاء والدفاع وصولا إلى إصدار الحكم بناء على شهود وإثبات وأدلة) وما عليه سوى إعلان التهم وإصدار الأحكام الجازمة حتى لو كان المتهمون أنفسهم قضاة!

يأتي هذا الانقلاب على السلطة القضائية على الطريقة نفسها التي نفذ فيها الانقلاب السياسي، فبعد تخلّص سعيّد من «المجلس الأعلى للقضاء» وتعيينه مجلسا «مؤقتا» آخر، ها هو يصدر «تنقيحات» جديدة لمراسيمه، تسمح له بعزل أي قاض «بناء على تقرير معلل من الجهات المخولة» التي هي بالطبع جهات أمنية، أو استخباراتية، أو استشارية، مخولة من الرئيس نفسه!

وردت بعض التعليلات التي قدمتها «الجهات المخولة» في تصريح لسعيّد قبل إصدار القرار بيوم، وتشير إلى أن القضاة المعزولين قاموا بـ«تغيير مسار قضايا» و«تعطيل تحقيقات في ملفات إرهاب» وترجمة هذا الكلام، عمليا، هو أن من عزلوا، من دون أن يصدر قبل ذلك بحقهم أي قضايا جزائية أو تأديبية، هم القضاة من احترموا القانون والإجراءات ولم يقبل بعضهم بسجن أعضاء مجلس النواب أو اتهام الناس من دون أدلة.

لا يكتفي الرئيس، بصفته القاضي الأوحد، بإصدار قراراته الباتّة ضد قضاة تهمتهم الحقيقية هي إرادة الحفاظ على العدالة، والابتعاد عن التجاذبات السياسية، بل يكرّس، بقراراته هذه، منطق الدكتاتورية العقابي، ويحوّل مؤسسات الدولة إلى ديكور مسرحيّ مهمته التصفيق له، والتخلّص من خصومه السياسيين.

يتوافق القرار، تكتيكيا، مع عمل جهات مثل «هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي» التي استخدمت السلطات التونسية اتهاماتها لحركة «النهضة» لتبرير توجيه أمر باتهام راشد الغنوشي (مع أنباء أيضا عن إصدار بطاقة جلب دولية في حق الرئيس السابق المنصف المرزوقي وآخرين) لكن عزل القضاة هو، عمليا، جزء من توجّه الرئيس التونسي، والغطاء الإقليمي والدولي الداعم له، لإعادة تونس إلى «بيت الطاعة» العربيّ بعد أن كانت المثال الثوري الذي حرّك المنطقة العربية برمّتها عام 2011.

 

شاهد أيضاً

فرنسا تضغط على المغرب لتعزيز مسار التطبيع مع إسرائيل

فرنسا تضغط على المغرب لتعزيز مسار التطبيع مع إسرائيل

أخبار بلا حدود- تبنت فرنسا منذ نشأتها المشروع الصهيوني، حيث أصبح ركيزة أساسية في السياسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!