تاريخ ورمزية البرنوس الجزائري: من الثقافة إلى المقاومة والمناسبات

تاريخ ورمزية البرنوس الجزائري من الثقافة إلى المقاومة والمناسبات
 

أخبار بلا حدود- يقال في عرف منطقة الجلفة الجزائرية إن من يلبس البرنوس هو “راجل ترَّاس” ومن يلبس برنوسين “راجل ونص”، في إشارة إلى أن هذا اللباس دليل هيبة للرجل في البلاد. ويقال أيضا إنه “جاه الغني ودفء الفقير”.

“البرنوس”، اللباس الذي ارتبط بهوية الجزائر، إذ لم يعد يظهر إلا في مناسبات محدودة بعدما كان شائعاً يرتديه الرجال والنساء وحتى الرؤساء والزعماء والوزراء.

  • مسيرة البرنوس

يعد “البرنوس” أحد رموز الثقافة الشعبية في الجزائر ولعل من أسباب اعتزاز الجزائريين بهذه القطعة القماشية، حضوره الكبير في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي، وتأتي صور مؤسس الدولة الحديثة الأمير عبدالقادر وهو يرتدي “البرنوس” التي تبقى راسخة في الذاكرة، وكذلك شيوخ المقاومة بوعمامة والمقراني والحداد لتكشف عن رمزية وقدسية هذا اللباس، كما للنساء حظ من “البرنوس”، إذ كانت الثائرة لالة فاطمة نسومر واحدة من اللواتي اشتهرن بارتدائه.

وتحول “البرنوس” من أداة ثقافية الى اداة لمقاومة المحتل الفرنسي في الثورة الجزائرية، فالثوار يرتدونه في المدن لإخفاء الأسلحة والمؤن، وفي الجبال من أجل مقاومة البرد، كما لبسه قادة وزعماء الجزائر منذ استقلال البلاد، بل ما زال يهدى إلى الشخصيات المرموقة التي يستضيفونها.

  • سيد الألبسة

تذكر كتب التاريخ أن “البرنوس” يعتبر سيد الألبسة الرجالية، إذ إن جل الجزائريين كانوا يرتدونه، كما أنه رافق حياتهم منذ صغرهم، فيرتديه الطفل منذ بلوغه سنتين من عمره، بحسب ما ورد في كتاب “الأخلاق والعادات والمؤسسات عند الأهالي في الجزائر”.

على رغم من ذكره في كتب تاريخية عدة، إلا أن أصوله لا تزال غير معروفة، وتبقى الرواية المتعارف عليها تلك التي تنسب بداياته إلى عهد مملكتي “الماسيل” و”الماسيسي” إبان فترة الاحتلال الروماني لشمال أفريقيا في القرن الأول قبل الميلاد، بحسب الباحثة الجزائرية فايزة رياش.

  • محدودية الظهور

“البرنوس” هو لباس من قطعة واحدة تغطي الجسم من الكتفين حتى القدمين، به قلنسوة تغطي الرأس، ولا أكمام له، يكون مفتوحاً من الأسفل إلى أعلى الصدر، فيبدو مرتديه وكأن له جناحين، وبعد أن كان شائعاً بات محدود الظهور في الوقت الحالي.

  • أنواع وأسعار

وتتعدد أنواع “البرنوس” في الجزائر من حيث التسمية ونوعية القماش، إذ يعرف بـ “أفرنوس” في منطقة القبائل و”أعلاو” عند الشاوية، ويكون لونه أبيض ومصنوعاً من الصوف، فيما ينتشر في بعض مناطق شرق البلاد اللباس البني المصنوع من الصوف أيضاً، وأما في الغرب وعدد من الجهات الداخلية، فيكثر فيها اللونان البني والأسود للباس المصنوع في الغالب من وبر الجمال والصوف.

ينسج “البرنوس” عبر مراحل، تبدأ بجز الصوف أو وبر الإبل في عامه الأول أو ما يعرف بـ”المخلول”، أو من وبر الماعز أو البقر، ثم غسلها وتنقيتها وتجفيفها تحت أشعة الشمس، ثم يُكشط بآلة يدوية تسمى “القرداش” حتى لا يبقى كومة واحدة، ثم تصنع منه خيوط صغيرة تدخل إلى المنسج اليدوي وهناك تبدأ عملية النسج.

يتراوح سعر “البرنوس” النسائي بين 140 دولاراً و300 دولار بحسب الشكل ونوعية القماش والمنطقة، بينما يتعدى الرجالي في بعض الأحيان 2500 دولار.

  • رمزية ومناسبات

لم يعد “البرنوس” ذلك اللباس اليومي بل أصبح ظهوره يقتصر على المناسبات، ومع أنه رمز للشهامة والشموخ، إلا أن الرجل بات يرتديه أبيض يوم زفافه وفي الشتاء لمقاومته البرد، لكن بالألوان الأخرى مثل الأسود والبني.

وترتديه المرأة أبيض يغطي رأسها لحظة خروجها من بيت والدها وهي عروس متجهة إلى بيت زوجها، سواء فوق الفستان الأبيض أو العصري، ويوضع على الكتفين مطرزاً من الجوانب سواء بالخيط أو بالرسم.

شاهد أيضاً

إطلاق دورة تكوينية جديدة للمستفيدين من منحة البطالة في أكتوبر 2024

إطلاق دورة تكوينية جديدة للمستفيدين من منحة البطالة في أكتوبر 2024

أخبار بلا حدود- في إطار دعم المستفيدين من منحة البطالة وتحقيق التأهيل المهني، أعلنت الوكالة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!