أخبار بلا حدود- ليس مشكلة، أن تتأخر أول خطوة، في مسار ما، فكل الذين وصلوا إلى مبتغاهم، عرفوا التأخرات وقيل منذ القدم، بأن خسارة معركة لا تعني الخذلان في الحرب، والانتصار في معركة أو حتى معارك متعددة، لا يعني كسب الحرب بغنائمها، فحتى لو فازت الجزائر بعضويتها الكاملة في مجموعة بريكس، ما قلنا بأنها قد حققت الانتصارات للجزائريين اقتصاديا، ولا يعني الانضمام إلى هذه المجموعة، أننا قوة قادمة في عالم الاقتصاد، فكل دول العالم كانت قوتها في نفسها، وليس في غيرها.
الأشياء الجميلة كلها تبدأ بحلم، والجزائريون حلموا في جانب صغير من حياتهم، بالانضمام إلى بريكس، بعد عقود من الأحادية التي مزقت العالم وعاثت فيه فسادا، وبدأ الحلم، من تركيبة هذا النادي الاقتصادي، وكبُر إلى أن بلغ درجة طلب العضوية والسعي لأجلها، ولكنه في الأخير، لم يتحقق في الوقت الحالي، فكان مفاجئا للبعض، ومخيبا لآخرين، ومنطقيا بالنسبة إلى العديد من الاختصاصيين الذين ثمنوا الطلب، وأرجؤوا تحقيقه إلى أشهر وربما سنوات قادمة، بل وكان أيضا اللاحدث بالنسبة إلى مجموعة من الاختصاصيين الذين يرون الجزائر جسدا واحدا ينبض بالحياة، قبل أن تكون عضوا في جسد آخر من الناحية الاقتصادية، وهي في طريقها التدريجي نحو نمو حقيقي، تقضي فيه نهائيا على الألغام الداخلية والخارجية التي وُضعت على أرضها على مدار عقود، وأفرزت سابقا مشاكل اقتصادية وخاصة مالية، جعلت من بنوك الجزائر، مجرّد مصارف ومخازن للمال العام والخاص.
هل تعلمون بأن تركيا بدأت التفاوض للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، منذ ربيع 1987، وكان الأتراك في تسعينيات القرن الماضي ينامون ويصحون على حلم الاتحاد الأوربي، وكلما ابتعد عنهم، ذرفوا اليأس والقنوط، قبل أن يُدرك الأتراك طريقهم، وبرغم ما كانوا يلاقونه من عراقيل، إلا أنهم واصلوا سعيهم. وفي طريقهم لتحقيق حلم سياسييهم تطوّرت تركيا، وصارت دولة قوية حتى لا نقول بأنها أحسن من أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي، إلى أن أصبح انضمامهم من عدمه إلى الأسرة الأوروبية، سيان، بالنسبة إلى الأتراك، الذين حلموا بالتقدم في الحضن الأوروبي، فتوفر لهم من دونه، وإذا توفر في يوم ما، فسيكون إضافة فقط.
أمام الجزائر مشاريع ضخمة في غار جبيلات والطريق الإفريقي والسد الأخضر وميناء الحمدانية وغيرها من المشاريع العملاقة، التي تجعل الجزائر حلما لبريكس، وليس العكس، وإذا كنا نقول عن قناعة بأن الجزائر هي قارة قائمة بذاتها، فإن تحقيقها لمشاريع كبيرة، وتحسين منظوماتها الاستراتيجية من تربية وتعليم عال وصحة ونقل وخدمات، سيجعلها تكتلا اقتصاديا واجتماعيا قائما بذاته، يسعى الآخرون إليه، كما هي حال الكثير من البلدان، التي لا يهمها من الانضمام إلى الغير، سوى مدّهم بالدعم، إذا كان مسعاهم يطمح إلى قبر الهيمنة والاستعمار.
هناك احتمال كبير جدا، بأن يقبل بريكس عضوية الجزائر في اجتماع أعضائه القادم، ولن يكون القبول المستقبلي إنجازا كبيرا، كما لم يكن الرفض الأخير خيبة كبيرة.
الجزائر تلتزم بالتعاون مع بريكس بعد قرار قبول دول جديدة: إمكانيات ومكانة تؤهلها للشراكة الفاعلة