أخبار بلا حدود- تشهد السوق السوداء للعملات الأجنبية في الجزائر حالة من الاضطراب. فبعد الارتفاع المفاجئ في أسعار العملات الرئيسية على غرار اليورو والدولار بداية شهر سبتمبر، والذي استمر حتى 9 ديسمبر الماضي، بدأت أسعار هذه العملات في انخفاض حاد مع نهاية العام. ما أثار تساؤلات حول العوامل المؤثرة على السوق وأبعاد قرارات رفع المنحة السياحية وكذا تحديد المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين .
و كان اليورو قد سجل خلال شهر سبتمبر الماضي، ارتفاعا قياسيا تجاوز 260 دينارا، وهو مستوى غير مسبوق. لكن هذا الصعود لم يدم طويلا، حيث شهدت العملات الأجنبية تقلبات متتالية، لتصل إلى ذروة جديدة في 9 ديسمبر حين بلغ اليورو 262 دينارا والدولار 248 دينارا. قبل أن تعود للانخفاض بوتيرة سريعة، حيث فقد اليورو 17 ديناًرا في أقل من أسبوعين، ليتداول بسعر 245 دينارا في السوق السوداء بالعاصمة (السكوار).
هذا الانخفاض تسبب في حالة من الذعر بين المتعاملين، خصوصا أولئك الذين اشتروا العملات بأسعار مرتفعة على أمل استمرار الصعود.
و أثار التراجع الأخير الذي تشهده العملات الأجنبية، تكهنات حول دور التدابيرالأخيرة التي تم إتخاذها، في إعادة تشكيل السوق أو بالأحرى إمكانية كبح السوق الموازية للعملة الصعبة.
و من أبرز هذه التدابير، قرار اجتماع مجلس الوزراء, حيث أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون برفع المنحة السياحية إلى 750 يورو لكل مسافر جزائري بالغ وإلى 300 يورو لكل مسافر جزائري قاصر, بدءا من جانفي 2025, ورفع منحة الحج إلى 1000 دولار لكل حاج جزائري, ابتداء من موسم الحج القادم, وهذا تجسيدا لأحد أهم التزاماته الرامية إلى تحسين مقاييس الرفاه. على أن يصدر مرسوم تنفيذي يحدد كيفيات استلام هذه المنحة.
كما حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة المدنية.
وهو الإجراء الذي يهدف إلى إضفاء الشفافية على التعاملات والحد من تهريب الأموال عبر الحدود ويتيح لبنك الجزائر مراقبة أكثر فعالية.
ويعتبر خبراء أن هذه الإجراءات تهدف إلى تقليص الاعتماد على السوق السوداء وتقوية القنوات الرسمية.
لكن حسب متعاملين في السوق السوداء، فإن التراجع الأخير لم يكن مدفوعًا بنشاط العملاء التقليديين مثل المسافرين والمستوردين، بل نتيجة تدفق كميات كبيرة من العملات الأجنبية من مدخرين كانوا قد حولوا أموالهم إلى عملات أجنبية استجابة لشائعات عن تغيير العملة الوطنية.
هذه المدخرات، التي خرجت من التداول لفترة-حسبهم- عادت للسوق بشكل مفاجئ بعد تأكد عدم وجود تغيير للعملة، مما أدى إلى وفرة في العرض وضغط هبوطي على الأسعار.
في المقابل، أبدى مشترون حذرا كبيرا، متوقعين مزيدا من الانخفاض، ما زاد من حدة الركود في السوق.
ومع دخول منحة العملة السياحية حيز التنفيذ في جانفي 2025، يتوقع خبراء أن تشهد السوق تغيرات جوهرية تتحكم فيها تقلبات العرض والطلب.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.