أخهبار بلا حدود – في خطابه الخميس بمناسبة عيد بلاده الوطني المصادف لـ14 جويلية، تحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن الغاز الجزائري كمورد تراهن عليه باريس من أجل مواجهة أي انقطاع محتمل للغاز الروسي، في أعقاب الأزمة الحاصلة بين موسكو والإتحاد الأوروبي بسبب العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
وقال ماكرون: “نحن نؤمن حاجياتنا الخاصة (من الغاز) من النرويج وقطر والجزائر والولايات المتحدة. نحن بصدد تجديد مخزوننا”، وذلك بينما كان يتحدث عن ضرورة استعداد بلاده ومعها الدول الأوروبية لسيناريو ما بعد الاعتماد على الغاز الروسي، المتوقع في أية لحظة كما يقول الأوروبيون.
كلام الرئيس الفرنسي جاء بعد نحو أسبوع فقط من إعلان شركة سوناطراك توصلها مع نظيرتها الفرنسية، إنجي، لاتفاق يسمح بتصدير الغاز الجزائري نحو فرنسا، عبر أنبوب ميدغاز الذي يربط الجزائر بإسبانيا مباشرة عبر البحر الأبيض المتوسط، وهو الذي تتزود منه إسبانيا أيضا.
وتم خلال هذا الاتفاق “تحديد سعر البيع التعاقدي المطبق على مدى ثلاث (03) سنوات، حتى عام 2024، لمراعاة ظروف السوق”، وفق بيان عممته الشركة الجزائرية، علما أن الاتفاق الموقع يعتبر امتدادا لاتفاق سابق كان تم التوقيع عليه في عام 2011، فيما بدا مؤشرا على احتمال أن تكون دبلوماسية الغاز ورقة بيد الجزائر لإخضاع شركائها المتمردين من الأوروبيين.
ويأتي تأكيد الرئيس الفرنسي على الغاز الجزائري كمورد حيوي لبلاده في سياق مواجهة سيناريوهات المستقبل، قبل نحو أسبوعين من تواصلين بينه وبين الرئيس عبد المجيد تبون، كان الأول في شكل رسالة نقلها مستشاره الخاص لشؤون الذاكرة، المؤرخ بنجامان ستورا، بمناسبة الاحتفاليات المخلدة للاستقلال، والثانية كانت تهنئة مباشرة بالمناسبة ذاتها.
وجاء الاتفاق الثنائي بين الشركتين الجزائرية والفرنسية، بعد مناورات فاشلة قام بها وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، في وقت سابق على مستوى الاتحاد الأوروبي، عندما قال إن بلاده ستدرس فرض أسعار غاز قصوى على شركة “سوناطراك” الجزائرية من أجل محاربة الارتفاع الهائل في أسعار هذه الطاقة.
ويومها اقترحت فرنسا على الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي وضع “حد أقصى لأسعار الغاز عند 27” لمواجهة الارتفاع الكبير في أسعار الغاز بسبب الحرب الروسية الأوكراينة، ومما قاله: “نحن لا ننتج الغاز، لذا فإن الشيء الوحيد الذي يمكننا التفكير فيه، والذي اقترحناه والذي دافعت عنه مع نظرائي الأوروبيين، هو فكرة وضع حد أقصى لأسعار الغاز عند 27″، وذلك في إحاطة له خلال جلسة استماع أمام لجنتي الشؤون المالية والاقتصادية بالجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان).
ووفق ما قاله لومير: “حتى نتمكن من التفاوض مع موردينا الرئيسيين الثلاثة ممثلين في كل من روسيا والنرويج والجزائر، بسعر 27 وهو سعر محدد.. سنفرض حدًا أقصى للسعر على الشركات التي تنتج”، غير أن هذا الاقتراح لم يلق التجاوب المأمول من قبله على الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
وبعد أشهر من الخلاف الحاد بين الجزائر وباريس، يبدو أن الطرف الفرنسي يسارع الخطى من أجل تجاوز وضع غير طبيعي في العلاقات الثنائية تسبب فيه الرئيس ماكرون، أثر بشكل كبير على المصالح الفرنسية في المستعمرة السابقة، جراء النهج الدبلوماسي الجديد الذي أرساه الرئيس تبون، والقائم على رد الصاع صاعين لمن يتطاول على الجزائر أو يضر بمصالحها، كما هو حاصل منذ أشهر مع إسبانيا، بسبب انقلاب موقف هذه الأخيرة من القضية الصحراوية، والتي خسرت الكثير ولا تزال بسبب العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضت عليها، وهي لا تزال عاجزة عن مواجهتها رغم شكاويها المتعددة للاتحاد الأوروبي.