أخبار بلا حدود- فجأة تحول السفير الفرنسي السابق في الجزائر، كزافيي دريانكور، إلى الخبير الوحيد والأوحد، في العلاقات الجزائرية الفرنسية، وبات مطلوبا بشكل لافت من قبل الإعلام الفرنسي، ولاسيما المعروف بتوجهاته اليمينية، بمهمة واحدة وهي التهجم على الجزائر.
في ظرف أسبوع واحد، خرج السفير الفرنسي السابق في الجزائر، ليدلي بمواقف مستفزة تجاه الجزائر، ولكن بمبرر المساهمة في النقاش الدائر حول المرسوم الذي وقعه الرئيس عبد المجيد تبون، المتعلق بالفصل الذي يتحدث عن فرنسا في النشيد الوطني “قسما”.
صاحب كتاب “اللغز الجزائري” وفي نهاية الأسبوع المنصرم (الخميس)، كان ضيفا على “راديو سود” (إذاعة الجنوب)، معلقا على المرسوم السالف ذكره، معتبرا أن المسألة لا تتعلق بمجرد “صدفة” كما زعم، ولسان حاله يشير إلى أن القرار المتخذ كان الهدف منه توجيه رسالة للجانب الفرنسي، تنهل من الماضي الاستعماري لبلاده في الجزائر.
وبعد يومين من خرجته عبر إذاعة الجنوب الفرنسي المعروفة بتوجهاتها اليمينية المعادية للجزائر، عاود الكرة مرة أخرى، لكن عبر صحيفة يمينية أخرى هي “لوفيغارو”، في مقال موقع باسمه، وكان الموضوع ذاته، وهو المرسوم الموقع من قبل الرئيس تبون، جاء عنوان: “النشيد الوطني الجزائري: ريع الذاكرة يبقى الـ( ألفا) والـ (أوميغا) للنظام”.
موضوع هذا المقال الذي نشره عبر أعمدة صحيفة “لوفيغارو” يدور حول فكرة مفادها أن المرسوم السالف ذكره ليس من هدف له إلا إزعاج السلطات الفرنسية، ليصبح حاضرا في الملفات التي تكون الجزائر طرفا فيها. فقبل أيام قلائل قاد حملة مركزة ضد اتفاقية 1968 وطالب بمراجعتها ولو من الجانب الفرنسي فقط، متجاهلا أن هذه الاتفاقية ثنائية ولا يمكن الخوض فيها من دون جلوس الطرفين على طاولة واحدة.
فلِمَ يصر هذا الدبلوماسي المتقاعد على مهاجمة الجزائر واستفزازها بمناسبة أو بدونها في كل مرة؟
يتضح من خلال المنابر الإعلامية التي تحدث من خلالها السفير الفرنسي السابق بالجزائر (صحيفة لوفيغارو، مجلة لوبوان، راديو سيد)، أن الرجل متشبع بالتوجهات اليمينية، ومعلوم أن اليمين الفرنسي مسكون بهوس اسمه “الجزائر فرنسية”، وهو مرض استحكم في مخيلة وعقول فئات واسعة من الأقدام السوداء الذين كانوا ينهبون خيرات الجزائريين بعد ما استحوذوا على أراضيهم وخيراتهم وجعلوهم “خماسة” يعملون لديهم.
الأمر الآخر الذي يمكن من خلاله قراءة مواقف الدبلوماسي الفرنسي المعادية، هي الصعوبات التي واجهته خلال عمله في الجزائر وخاصة في العهدة الثانية 2017 / 2020، التي كانت ربما الأصعب في حياته الدبلوماسية، حيث التمس من السلطات الجزائرية في تلك الفترة التجاوب مع بعض مطالب الشركات الفرنسية التي كانت في “نزاعات اقتصادية وقانونية محضة، كنا نرى أنها كلها في مصلحتهم المادية، وفي حقنا القانوني والأخلاقي معالجتها بما يتماشى مع مصالحنا ورؤانا في المستقبل”، غير أن مطالبه ووجهت بالرفض، كما جاء في تصريحات سابقة لوزير الصناعة الأسبق، فرحات آيت علي.
أما النقطة التي يبدو أنها تسببت في أزمة نفسية للسفير الفرنسي السابق وتقف اليوم وراء حملته المسعورة تجاه الجزائر منذ تقاعده من منصبه كسفير لبلاده فيها، فهي نجاته من الطرد من عمله في الجزائر خلال فترة “الحراك الشعبي”، بسبب شبهات حول مواقفه وتدخله في الشأن الداخلي، إلى درجة أنه طلب من رئيس بلاده، إيمانويل ماكرون، إعفاءه من منصبه بسبب عدم قدرته على أداء مهامه الدبلوماسية، كما كان يسرح ويمرح في عهدته الأولى (2008/ 2012)، بدليل عدم إتمام عهدته الثانية التي انتهت بعد ثلاث سنوات فقط.
كزافييه دريانكور: تراجع فرنسي في الجزائر بعد صعود قايد صالح و السعيد بوتفليقة