أخبار بلا حدود- تتجه الحكومة إلى المسارعة في معالجة الطلب على عجلات السيارات في السوق الجزائرية، بعد ورود تقارير تفيد بتسجيل “نقص غير مبرر ولا مفهوم” لبعض الأصناف محلّيا، ويتعلّق الأمر بالدرجة الأولى بعجلات الحافلات والشاحنات والمركبات الثقيلة، رغم منح رخص التوطين البنكي لمستورديها.
ويأتي ذلك في وقت يستعد المُنتِج الوطني الوحيد حاليا في السوق “إيريس” إلى توسيع إنتاجه في ظرف شهر لترتفع طاقته الإنتاجية إلى 4 مليون عجلة سنويا بدل مليوني عجلة، ويتعلّق الأمر بالأصناف الخاصة بالسيارات السياحية والنفعية.
وكانت السلطات قد اتخذت من قبل، إجراءات حمائية لتأمين المنتجات المصنّعة محليا، وضمان عدم منافستها بشكل غير نزيه من قبل المنتجات المستوردة من الخارج، وأيضا للحفاظ على المدّخرات الجزائرية بالعملة الصعبة، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حيث تضّمنت قائمة المنتجات المحمية بعض أصناف العجلات المنتجة محلّيا.
وللوقوف على حقيقة ما يحدث في سوق العجلات، حاولت “الشروق” التقرب من مصالح وزارة التجارة والمنتجين والمستوردين، ووفق ما تم استقاؤه، فقد تم تقليص نسبة استيراد العجلات المصنّعة في الجزائر مؤخّرا لتشجيع المنتوج المحلّي، إلا أنه تم بالمقابل منح رخص توطين بنكي لعجلات السيّارات غير المصنّعة محلّيا لاسيما تلك التي تتعلّق بالشاحنات والحافلات والمركبات ذات الوزن الثقيل، حيث يتمّ طرح تساؤلات عن سبب تأخر وصول هذه الأخيرة إلى السوق الجزائرية وسبب النقص المسجّل اليوم، رغم أن استيراد هذه الأصناف المفقودة متواصل ولم يتوقف.
وبحسب ذات المصادر، فإنه يندرج ضمن برنامج الحكومة تشجيع نشاط التصنيع محليا بدل الاستيراد من الخارج، حيث يعمل المتعامل الخاص “إيريس” على سبيل المثال، على إنتاج مليوني عجلة سنويا بمصنع سطيف ويستعد لرفع طاقته الإنتاجية مع توسيع خط الإنتاج بداية من الشهر المقبل إلى 4 ملايين عجلة، في وقت يتم التحضير لمشروع آخر قد يتم الكشف عنه نهاية السنة، كما يحضّر متعامل ثالث بالقطاع الخاص لإطلاق مشروع لإنتاج العجلات بجودة عالية يتواجد حاليا قيد الإنجاز بولاية وهران، إذ ستصل طاقته الإنتاجية إلى 5 ملايين عجلة سنويا.
وسيُوجّه جزء من المنتوج المحلي للعجلات للتصدير، حيث يصدّر المتعامل إيريس حاليا 30 بالمائة من إنتاجه للخارج، وتصل عدد الدول الأجنبية المتعاملة مع مجمّع إيريس 30 دولة، كما يعتزم المتعامل الثاني تصدير نسبة هامة من العجلات التي سينتجها لعدد من الدول الأجنبية، مع العلم أن احتياجات السوق الوطنية من العجلات من هذه الأصناف تصل سنويا 4 مليون عجلة كأقصى حد.
وبحسب المصادر نفسها، فقد منحت وزارة التجارة وترقية الصادرات رخص التوطين البنكي للمستوردين المعنيين بجلب إطارات السيارات من الأصناف التي تشهد نقصا في الوفرة محليا، مقابل استهلاك عال من طرف أصحاب الحافلات والشاحنات خلال الفترة الأخيرة، وهؤلاء إما تعطلوا في التوطين البنكي ولم يباشروا عملية الاستيراد السريع، أو تأخروا في إخراج الكميات المستوردة للسوق، حيث يتواجد الملف اليوم محل تحقيق.
وطبق ذات المصدر تحاول وزارة التجارة لعب دور وسيط لتحقيق توازن بين ميزان الواردات والصادرات عبر فرض رقابة شديدة على كل ما يدخل ويخرج من وإلى السوق الوطنية، وتفادي الاستيراد المقنع لمجرد الاستيراد، بأي طريقة وبأي حجم، حيث لا يزال بعض المستوردين يسعون للاستيراد لمجرد تحويل العملة لولا الرقابة المفروضة، في حين تعمل وزارة التجارة بأمر من السلطات العليا على حماية المنتوج الوطني وتحقيق توازن الميزان التجاري.
وكانت الحكومة قد باشرت إجراءات جديدة لتأطير وتنظيم عملية الاستيراد منذ أزيد من 4 سنوات، من خلال تحقيق التوازن بين ما هو منتج محليا وترشيد الكميات المستوردة من الخارج والموجّهة بالدرجة الأولى لتغطية العجز المسجّل في السوق الوطنية، مع الامتناع عن استيراد ما لا تحتاجه السوق الداخلية، والعمل على رفع نسبة الإنتاج محليا، وتقديم تسهيلات للمنتجين والمصدّرين.
وبالنسبة لمجمع “إيريس”، يؤكد مسؤولو العلامة في تصريح لـ”الشروق” أنهم يواصلون إنتاج الإطارات وفق المعايير الدولية ودون إضافة أي دينار في الأسعار، سواء بالنسبة للأصناف والموديلات القديمة أو الجديدة، في حين سيتضاعف الإنتاج بعد دخول توسعة المصنع بسطيف حيز الخدمة في غضون شهر ليصل الإنتاج 4 مليون عجلة سنويا، وهو ما سيضمن الوفرة والقضاء على الندرة، مع إضافة بعض الأصناف الجديدة التي تشهد نقصا في السوق ولم تكن مصنعة من طرف المتعامل من قبل.
وأوضح بهذا الصدد “اشتغلنا على هذه التوسعة منذ أربع سنوات وستصبح قريبا حقيقة، بمنتوج ذي جودة عالية في السوق”، حيث تعمل “إيريس” على ضمان توفر الإنتاج بكميات هائلة.
وحمل مسؤولو “إيريس” بعض التجار مسؤولية زيادة أسعار منتجاتهم، قائلين إن هؤلاء يسعون للمضاربة بالعجلات وبمنتجات إيريس، حيث إن ارتفاع أسعار العجلات المستوردة جعلهم يستغلون الفرصة ويرفعون سعر عجلات “إيريس” الذي لا يزال نفسه في المصنع.
من جهة أخرى، تقربت “الشروق” من بعض المستوردين والتجار في مجال العجلات والذين اشتكى بعضهم من تأخر حصولهم على رخص التوطين البنكي التي عطلت الاستيراد، في حين يتهم آخرون مضاربين بإخفاء المنتوج لإلهاب الأسعار وإعادة فتح باب الاستيراد على مصراعيه، رغم الجهود المبذولة من طرف وزارة التجارة لحماية المنتوج الوطني، متسائلين: “رخص الاستيراد مُنحت، فما سبب نقص الإطارات في السوق الجزائرية لحد الآن، وأين الكميات التي دخلت السوق”؟
وطبق ذات المصدر، يسعى بعض المستوردين لاستغلال الوضع وإلهاب الأسعار من أجل الاحتكار ورفع سعر المنتوج وزيادة هامش الربح، وهو ما يجعلهم يحاولون افتعال الندرة.
وسبق أن كشف وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، أن الميزان التجاري الجزائري سجّل خلال السبعة أشهر الأولى من سنة 2024 فائضا قدره 3.75 مليار دولار أمريكي، حيث بلغت قيمة الواردات 26.62 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات 30.36 مليار دولار، مؤكدا أن هذه الأرقام تشير إلى تحد كبير يتطلب من مصالح التجارة العمل الجاد لتجسيد برنامج الحكومة والتعليمات الموجهة من رئيس الجمهورية، خاصة تلك المتعلقة بإعادة رسم معالم سياسة التجارة الخارجية.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.