أخبار بلا حدود- من المعروف أن الجغرافيا السياسية تنسب إليها معظم الصراعات الدولية، حيث تسعى دول إلى تأمين مصالحها الاستراتيجية، وأخرى لدعم شركائها وحلفائها لمحاربة الإر.هاب والتنظيمات المسلحة الخارجة عن القانون، وأدى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، في 8 ديسمبر الجاري، إلى إحداث تغيير جيوسياسي ضخم في المنطقة، وأنهى حقبة كاملة من التفاهمات السياسية واتفاقيات التعاون الاستراتيجية.
ومن أبرز التغييرات التي طرأت منذ سقوط نظام الأسد في سوريا، واستلام المعارضة السورية لزمام الأمور في تسيير مؤسسات الدولة، انتشرت العديد من التساؤلات حول مصير القواعد الروسية في البلاد، والتي كانت تعمل وفق اتفاقيات تعاون مع النظام السابق، لمحاربة الإرهاب، وخصوصاً تنظيم داعـ/ـش الإرها.بي.
لتظهر فيما بعد في وسائل الاعلام والصحف العالمية أن الوجهة المقبلة للقوة العسكرية الروسية في سوريا، هي ليبيا.
وكشفت بهذا الصدد صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن قيام روسيا بنقل أنظمة دفاع جوي متطورة وأسلحة أخرى من قواعدها في سوريا إلى ليبيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن طائرات شحن روسية نقلت معدات دفاع جوي، بما في ذلك رادارات لأنظمة اعتراض إس-400 وإس-300 من سوريا إلى قواعد في شرق ليبيا تسيطر عليها قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة
حفتر.
وبحسب الصحيفة، فإن روسيا كانت قد أقامت قواعد بحرية وجوية مهمة في سوريا مقابل الدعم الذي قدمته لنظام الأسد، في حين تسعى الآن لتعزيز وجودها في ليبيا، و درست إمكانية تطوير منشآتها في طبرق لاستقبال.
السفن الروسية، على الرغم من أن آخر الأنباء من داخل ليبيا تؤكد وصول عدة سفن وفرقاطات عسكرية إلى الميناء المذكور.
كما أظهرت أيضًا بيانات ملاحية من موقع فلايت رادار أن طائرات شحن عسكرية روسية من طراز “إليوشن 76 تي دي” أجرت رحلات متعددة إلى قاعدة الخادم الجوية شرق بنغازي في الأيام القليلة الماضية.
اللافت أن هذه المستجدات أثارت اهتمام المراقبين والمحللين السياسيين الذين أجمعوا على أن ازدياد حجم وقوة النفوذ العسكري الروسي سوف يُعزز من دور موسكو في القارة الأفريقية، ويعزز من قدراتها على محاربة الخصوم التقليديين لحلفائها في المنطقة، وخصوصا التنظيمات الإرهابية في منطقة الشمال الأفريقي والساحل.
ومن أهم الانعكاسات على موازين القوى في المنطقة المتأثرة بهذه التغييرات الجيوسياسية وازدياد النفوذ العسكري الروسي في القارة الأفريقية بحسب المحلل السياسي والعسكري، محمد بدر الدين، هي الجزائر التي تربطها بروسيا علاقات وثيقة وتعتبرها حليقا رئيسيًا لها على المستوى العسكري والدفاعي، وتزايد النفوذ الروسي سوف يترجم بتعزيز موقع الدولة مغاربيًا، وتؤمن تعاونًا أوثق في محاربة الإرهاب العابر للحدود.
بينما أشار المحلل السياسي الليبي، إبراهيم الترهوني، إلى أن ليبيا ستتأثر بشكل متفاوت، بسبب الانقسامات السياسية وخضوع معسكر الغرب الليبي بقيادة رئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، للإملاءات الأوروبية، التي ترى في التواجد الروسي المتنامي في الشرق الليبي تهديدًا مباشرًا لمصالحها.
ولفت الترهوني الانتباه إلى إعلان عبد الحميد الدبيبة رفضه دخول أي عتاد عسكري أو قوات روسية إلى بلاده قادمة من سوريا، على الرغم من أن حكومته لم تنفك توقع اتفاقيات سيادية مع تركيا وعدد من الدول الأوروبية طوال فترة سلطته المؤقتة، التي لا تسمح أساسا وقانونا بعقد صفقات واتفاقيات بهذا الحجم.
وفي هذا الصدد أشار الترهوني إلى أن الوضع السياسي المرتبك لمعسكر الشرق الليبي، الذي تم تهميشه دوليًا على مدار السنوات السابقة، والمحاولات الغربية المستمرة لإقصاء سياسيين من شرق البلاد عن الساحة السياسية أصبحت في طي النسيان، مع تغيير موازين القوى في المنطقة بانتقال القوات الروسية من سوريا إلى ليبيا.
وبشأن دول الساحل الأفريقي، أفادت صحف عربية إلى أن القوات الروسية المتوالية على ليبيا، من شأنها أن تعزز موقع السلطات في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، من خلال تقديم الدعم العسكري والتقني اللازم في ملف مكافحة الإرهاب والقضاء على الجماعات المسلحة ،
مثل نصرة الإسلام والمسلمين المصنفة على أنها جماعة “إرهابية”، التى تهدد أمن وسلامة واستقرار دول الجوار.