- موجز تاريخ كأس العالم
سيتم التطرق للدورات التي لم أشاهدها بداية من دورة 1930 وصولا إلى دورة فرنسا 1998 وقد اعتمدت على ذاكرتي فيما يخص الأشياء التي قرأتها أو رويت لي أو شاهدتها كأفلام وثائقية أو رسوم متحركة.
فلنبدأ الرحلة ونستغل كبسولة الزمن ونعود بالأحداث إلى الوراء ونستعرض أهم محطات كل دورة وبشكل موجز.
من أوروغواي الدولة الأمريكية الجنوبية كانت البداية بمشاركة ثلاثة عشر فريقا ، وقد وقع الاختيار على الأوروغواي كونها قد فازت ببطولتين للالعاب الأولمبية وقد تصادف ذلك مع الاحتفال بعيدها الوطني.
واقتصر على بعض المنتخبات دون البعض لأن الكثيرين قرروا مقاطعة الدورة ورفضوا الدعوة الموجهة لهم.
وبصم الفرنسي لوسيان لوران على أول هدف في تاريخ المسابقة وفازت أوروغواي بالبطولة على حساب الأرجنتين.
ثم انتقلت بعدها البطولة في 1934 إلى أوروبا من بوابة ايطاليا والتي غلب عليها الجدل نظرا لطابعها السياسي البحت ، لأن انجلترا واصلت الغياب والبرازيل لم تشارك بمنتخبها الأساسي وحاملة اللقب فضلت عدم الحضور خوفا على لاعبيها.
وفي النهاية فازت ايطاليا باللقب ويقال أن لاعبي تشيكوسلوفاكيا قد ساعدوا في ذلك كون عناصر المنتخب الإيطالي لاعبوا المباراة تحت ضغط التهديد بالموت من طرف موسوليني.
وقد شهدت الدورة مشاركة منتخب مصر لأول مرة والذي يعتبر أول منتخب عربي وأفريقي يشارك في البطولة.
والغريب أن اللعب “لويس مونتي” قد تمكن من المشاركة مع ايطاليا والفوز باللقب بعد أن مثل الارجنتين في النسخة الماضية.
ايطاليا عادت لتحصد اللقب مجددا ستة 1938 ولكن هذه المرة على الأراضي الفرنسية وهذه البطولة شهدت غياب الاورغواي مرة أخرى احتجاجا على منح أوروبا تنظيم البطولة للمرة الثانية تواليا وكذلك الارجنتين وغابت اسبانيا بسبب الحرب الأهلية الطاحنة.
وتفوقت ايطاليا في النهائي على المنتخب المجري القوي جدا وقتها لتحافظ على لقبها.
لتقضي الحرب العالمية الثانية على حلم محبي كرة القدم وتغيب البطولة لدورتين على أن عاد بث مشوارها من البرازيلي في نسخة 1950 والتي كانت شاهدة على ملحمة ملعب “ماراكانا” والتي خسر فيها البرازيليون النهائي امام الاورغواي في مباراة مأساوية للجمهور البرازيلي وقد سجلت عديد حالات الوفاة ، فكان يوما أسودا في تاريخ الكرة البرازيلية وكانت هذه المباراة أبرز حدث في تلك الدورة.
ليبرز اسم ألمانيا على خارطة كرة القدم سنة 1954 وتحقق اللقب الأول لها ، وتحرم الفريق المجري القوي من تحقيق حلمه وهو الذي برز بشكل ملفت في دورة نجحت في تنظيمها دولة سويسرا الصغيرة.
أما مونديال 1958 فكان عنوانه بزوغ نجم بيليه وظهوره على مسرح احداث المونديال والذي بدوره قاد البرازيل للفوز باللقب رغم صغر سنه بعد أن ساهم في اكتساح السويد صاحبة الأرض والجمهور ، لتكون البرازيل أول منتخب من خارج أوروبا يفوز ببطولة مقامة في أوروبا رغم الجدل الذي اثاره فيلم مؤامرة 1958 والذي قال فيه مخرجه “يوهان لوفشتاد” أن الدورة لم تقم في السويد بل في أمريكا في خرجة صادمة تم نفيها بعد ذلك.
ومن الارقام الخالدة في تلك الدورة هو ما فعله جيست فونتين الفرنسي الذي سجل ثلاثة عشر هدفا في دورة واحدة وهو رقم يمكن القول أنه اسطوري رغم أن اللاعب كان من المقرر أن يكون بديلا ، اللاعب المولود في مراكش المغربية ظل رقمه صامدا إلى يومنا هذا وقد مكنه من أن يبقى ضمن قائمة الهدافين التاريخيين للبطولة.
عادت البطولة إلى أمريكا في نسخة 1962 وبالضبط في دولة تشيلي وعاد المنتخب البرازيلي وفاز باللقب واحتفظ بلقبه للمرة الثانية تواليا.
ورغم الزلازل القوي الذي ضرب البلاد أصرت تشيلي على تنظيم البطولة وسط تشكيك كبير قادته ايطاليا والذي نتج عنه شجار عنيف وعراك كبير بين المنتخبين فيما يسمى بمعركة سانتياغو ونجح غارينشا في تعويض غياب بيليه وقاد البرازيل لتحقيق اللقب.
دورة 1966 نظمتها انجلترا وفازت بها أمام الألمان وسط جدل كبير جاء كرد فعل لقرارات الحكم في قصة مازالت مادة دسمة للاعلام إلى يوم الناس هذا.
بطولة 1970 التي احتضنتها المكسيك كانت شاهدة على الحضور المغربي الاول ، وقد فازت بها البرازيل بكل جدارة واستحقاق واكتسحت ايطاليا في النهائي برباعية فيها من التحف الفنية الشيء الكثير لتحتفظ بكأس ڨول ريميه صاحب فكرة البطولة إلى الأبد والذي كانت تسمى الكأس باسمه.
بطولة 1974 التي نظمتها المانيا الغربية شهدت ظهور الانموذج الجديد للكأس بعد احتفاظ البرازيل بالنسخة القديمة ومن بين غرائب تلك الدورة المواجهة المثيرة بين المانيا الغربية وألمانيا الشرقية والتي فازت بها ألمانيا الشرقية في مفاجأة مدوية.
ونجحت المانيا في الفوز باللقب في نهاية المطاف على المنتخب الهولندي الذي شكل طفرة في كرة القدم في تلك المرحلة.
وفي البطولة الأسوأ والتي غاب عنها الكثير من النجوم في صورة كرويف بسبب التهديد فازت الارجنتين سنة 1978على أرضها وأمام جمهورها بالبطولة بعد أن تغلبت على هولندا صاحبة الأسلوب الماتع والجميل.
بطولة 1982 التي جرت في اسبانيا كانت مثيرة في تفاصيلها حيث حدث المؤامرة الشهيرة لإقصاء الجزائر التي شاركت لأول مرت ، ولعبت فيها اقوى مباراة في تاريخ كرة القدم بين البرازيل وألمانيا والتي سميت بيوم وفاة كرة القدم ، وقاد روسي الذي خرج من السجن بعفو رئاسي ايطاليا إلى الفوز بكأس العالم للمرة الثالثة في تاريخها.
بطولة 1986 أو كما يسميها البعض گأس مارادونا لأنه فعل كل شيء على الملاعب المكسيكية لكي تفوز الأرجنتين باللقب وقد تحقق له ذلك وفي سبيل ذلك استعان بيده ليقود الارجنتين إلى المجد في أغرب احداث دورات كأس العالم ، والحديث عن هدفه الخالد الذي رواغ فيه كل دفاع انجلترا ذو شجون لأنه يعتبر اشهر هدف في تاريخ كرة القدم وليس كأس العالم فقط.
كأس العالم 1990 فعل الطليان كل شيء في سبيل أن يقفوا في وجه مارادونا لكي يفشل في تحقيق اللقب فبعد أن فاز عليهم هم ، تحقق لهم ذلك بعد احتسب الحكم ركلة جزاء من وحي خياله كانت كفيلة بأن تحرم الارجنتين من الفوز باللقب الثاني تواليا والثالث لها أمام ألمانيا.
أمريكا تدخل ضمن قائمة الدول المنظمة للبطولة وتنجح في ذلك ، في دورة كان عنوانها الشيخ ميلا يسجل بعمر 42 سنة ونهاية مارادونا غربت شمسها وقد وقع في المحظور بعد أن ثبت تعاطيه للمنشطات ، البرازيل بجيل روماريو تعود إلى منصة التتويج وباجيو يموت واقفا في مشهد تراجيدي لا أراه يمحى من ذاكرة عشاق الساحرة المستديرة.
وشهد المونديال الأمريكي حضورا سعوديا مميزا بعد أن نجح الفريق في أول مشاركة له في تجاوز الدور الاول متصدرا المجموعة السادسة ومن اجمل ذكريات المشاركة السعودية هدف العويران المارادوني المارطوني في مرمى بلجيكا.
مونديال فرنسا هي أول دورة تلعب ب32 منتخب وشهدت حضور مغربي مميز انتهى بمؤامرة كما حدث للجزائر في مونديال 1982.
رونالدو الظاهرة يتوهج وسوكر يعتلي صدارة الهدافين وهولندا تواصل رحلتها مع سوء الحظ وفرنسا تخطف اللقب أمام راقصي السامبا بقيادة زيدان الذي قرر أن يكون نجما عالميا فكان له ذلك.
وهنا تنتهي رحلتنا في فصول كأس العالم المشوقة والمليئة بالأحداث علما أن تاريخ كأس العالم ينال اعجاب الكثيرين ويتم التطرق إليه باهتمام شديد وانا من بين هؤلاء الذي سلكوا هذا الطريق فكانت الرحلة ممتعة جدا وكلمت سنحت لي الفرصة رحت أخوض في ثنايا تاريخ المونديال مستمتعا مستفيدا.
على أن تكون بقية المقالات الأخرى في دفات هذا الكتاب مخصصة لتلك الدورات التي كان لي شرف مشاهدتها من خلف شاشة التلفاز طفلا وشابا.