أخبار بلا حدود – نشرت صحيفة ‘‘لوفيغارو’’ الفرنسية تحقيقاً بعددها الصادر هذا السبت تحت عنوان:” الجزائر تقود عملية مطاردة اللغة الفرنسية“، قالت فيه إن وضع اللغة الفرنسية في الجزائر لا يتجه نحو الأحسن مستقبلا، ذلك لأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قرر في الــ 30 من جويلية الماضي، أن تصبح اللغة الإنجليزية إلزامية من بداية السنة الثالثة ابتدائي، بالموازاة مع تعليم اللغة الفرنسية، واعتبر الرئيس الجزائري أن اللغة الفرنسية هي ‘‘غنيمة حرب’’ لكن اللغة الإنجليزية هي لغة عالمية، في إشارة إلى تعبير أحد رواد الأدب الجزائري، كاتب ياسين.
‘‘لوفيغارو’’ نقلت، في هذا التحقيق، عن خولة طالب الإبراهيمي الحاصلة على شهادة الدكتوراه في اللسانيات والأستاذة بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الجزائر، قولها إن طلاب السنة الأولى وبعد أن كانوا في السابق يكتبون ويتحدثون اللغة الفرنسية جيدا، باتوا اليوم غير قادرين حتى على تكوين أحرف لاتينية.
كما نقلت الصحيفة عن الدكتور شريف بن بولعيد، حفيد الشهيد مصطفى بن بولعيد بطل الثورة الجزائرية، قوله إن قرار الرئيس الجزائري تاريخي وهو ثمرة عمل طويل الأمد بدأ في التسعينيات.
وتابعت ‘‘لوفيغارو’’ التوضيح أن سياسة تعويض اللغة الفرنسية في مناهج التعليم في الجزائر بدأت منذ عام 2019، لكن الأحداث تسارعت في أكتوبر من عام 2021 بعد الأزمة الدبلوماسية التي سببتها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي شكك فيها بشكل خاص في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي. حينها أمرت كل من وزارة الشباب والرياضة ووزارة التكوين المهني باستخدام اللغة العربية في مراسلاتهم واستبعاد اللغة الفرنسية.
لكن – تضيف ‘‘لوفيغارو’’ – في مقابل تراجع السلطات الجزائرية عن اللغة الفرنسية، بادر أولياء فئة واسعة من التلاميذ الجزائريين إلى تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة، نظرًا لأن المدرسة الحكومية الجزائرية تتراجع، وأن هؤلاء الأولياء أرادوا إنشاء مدارس تضمن مستقبلًا لأطفالهم.
ولن يتم ذلك إلا من خلال إتقان اللغة الفرنسية للتمكن من متابعة الدراسات العلمية في إحدى الجامعات الجزائرية، على غرار الطب والهندسة وغيرهما من الاختصاصات التي لا تدرس في الجامعات سوى باللغات الفرنسية. وأيضا سيكون من السهل على هؤلاء الطلاب الذين درسوا باللغة الفرنسية متابعة دراساتهم العليا في جامعات دول ما وراء البحر الأبيض المتوسط.
وأوضحت ‘‘لوفيغارو’’ أن الجانب الفرنسي يدرك جيداً، من جهته، أنه بصدد فقدان تأثيره في منطقة المغرب العربي لصالح الطرف الأنغلوساكسوني، غير أن دبلوماسيا فرنسيا رأى أن ‘‘المشكلة تظل تقتصر فقط على الدول المغاربية، على عكس الدول الخليجية التي تسعى إلى تنويع شركائها، وعبرت عن حاجتها الكبيرة للغة الفرنسية وللثقافة الفرنسية’’.
ونقلت ‘‘لوفيغارو’’ مرة أخرى عن خولة طالب الإبراهيمي، قولها إنه ‘‘في مواجهة قوة انتشار اللغة الإنكليزية، يجب على الفرنسيين أن يفهموا أن الحرب المعلنة في الجزائر كان لها دائمًا بُعد سياسي”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في أوت، تمت كتابة المنشورات خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس عبد المجيد تبون باللغتين الإنجليزية والعربية.
وطُرحت، خلال لقائه بالمبدعين الشباب، أسئلة معينة على الرئيس الفرنسي باللغة الإنجليزية.
غير أن نقابات التعليم والمعلمين في الجزائر قدمت احتجاجها بالفعل، مستنكرة ‘‘الاندفاع’’ ومشددة على أن المدارس الجزائرية ليست جاهزة، وأن المعلمين غير مدربين بما يكفي لتدريس اللغة الإنجليزية، وأن الأمر كان يحتاج إلى سنة من التأمل من أجل التعايش الجيد مع اللغات الأخرى التي تدرس في المدرسة الابتدائية.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون هو الذي أمر بإدراج اللغة الإنجليزية في المدارس خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 19 جويلية الماضي.
وأوضح في نهاية جويلية أمام الصحافيين أن “الفرنسية هي غنيمة حرب، ولكن اللغة الإنجليزية تظل اللغة الدولية”.
وتقدم نحو 60 ألف جامعي للحصول على وظيفة في التعليم، واشترطت وزارة التربية الحصول على شهادة الليسانس في اللغة الإننليزية أو الترجمة.
وقالت وسائل إعلام فرنسية، إن إدراج الإنجليزية في التعليم الابتدائي بالجزائر أثار جدلًا حول تدريس اللغات.
وأوضحت وكالة فرنس برس، أن الجزائر بذلت حيث الفرنسية هي اللغة الأجنبية الأولى، جهوداً مضاعفة لإدخال الإنجليزية في التعليم الابتدائي منذ بداية العام الدراسي الجديد، في قرار أثار ارتياحاً لدى معارضي الاستخدام الواسع للغة الفرنسية، في مقابل انتقاد البعض للتسرّع في تنفيذه.
وكالة فرانس برس: إدراج الإنجليزية في التعليم الابتدائي بالجزائر يثير جدلًا