أخبار بلا حدود- في هذه الأيام الباردة من فصل الشتاء، يجد الكثير من الجزائريين ضالتهم في ارتداء أحد الألبسة التقليدية التي مازال المجتمع محافظا عليها، وهي “القشابية” بمختلف ألوانها، ويعتبر هذا اللباس مساعدا على مقاومة البرد القارس والصقيع خاصة في مناطق الهضاب العليا حيث تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر في كثير من الأحيان.
رغم مرور العقود إلا أن “القشابية” في الجزائر لا تزال تحافظ على مكانتها وسط الألبسة الرجالية التقليدية رغم غزو “الموضة” والتنوع الذي تعرفه أسواق الألبسة بمختلف “ماركاتها” العالمية والتي أصبح شباب اليوم مواظبا على تتبع آخر صيحاتها.
ومن خصوصيتها مع تغير الأزمنة والأجيال، أنها ليست حكرا على الكبار في السن وحدهم، بل حتى الشباب، إذ في كثير من المناطق لا يخلوا منزل واحد من شخص لا يرتدي هذا اللباس التقليدي العريق، خاصة أنه عرف نوعا من التحديث حيث حوّله بعض الحرفيين إلى شكل معطف.
وليس هناك منطقة لا تجد مرتديا لـ”لقشابية” في شوارعها.. حتى في الجزائر العاصمة وغيرها من المدن الكبرى هناك إقبال متواصل على اقتناء هذه العباءة الجزائرية الخالصة وارتدائها، أين تباع في عدة محلات خاصة بالألبسة التقليدية.
- تراث جزائري
تعتبر “القشابية” من الألبسة التقليدية الشهيرة في الجزائر، حيث لم تعرف طريقا إلى الاندثار، وتجدها بكثرة في مناطق الشرق خاصة في ولايات الأوراس ومناطق الهضاب العليا كسطيف والجلفة، مادتها الأولية الوبر والصوف الخالص، وتبقى صنعة متوارثة عبر الأجيال.
وتبدع النساء الحرفيات في حياكتها ونسجها رغم الوقت الطويل والجهد الكبير الذي يستهلك في إخراج “قشابية” واحدة، خاصة من تخيطها بيديها، وحسب العديد من العارفين بصناعة هذا اللباس، فإن هناك القشابية الوبرية أو تلك التي من صوف الأغنام.
ومن الأمور التي تجعل الرجل الجزائري متمسكا بـ”القشابية” رغم كل هذه المدة، رمزيتها التاريخية فعلاوة على الهمة والشموخ الذي تمنحه لمرتديها، ظلت “القشابية” اللباس المفضل لثوار الجزائر خلال فترة الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962)، حيث كانوا يرتدونها في الجبال والمناطق الوعرة من ناحية التضاريس والمناخ.
ومن الأمور المميزة لـ”القشابية” حسب الجزائريين هي ليست لباسا طبقيا، لأنها تلبس عند الأغنياء والفقراء، فهي نوع من الألبسة التي تضع الناس جميعا سواسية.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.